الفصل الثاني عشر

 الرداء الأسود


"هيونغ عما تبحث بحق؟"

"ااه اصمت قليلا ألا ترى أنني مشغول"

"......."

"اوه وجدتها هيهيهيهي"

"هيونغ أنت بالتأكيد لا تفكر بفعل ذلك لا؟"

"هيههيهيهي"

"هيونغ!"

"هيهيهيهيهيهيهي"

وعلى الرغم من النداء اليائس إلا أن صوت تانغ بو لم يجد أي صدى في أذني تشيونغ ميونغ الذي راح يبتسم بسعادة لا مثيل لها وهو يخطط لما سيفعله.

..............

" عيد ميلاد سعيد تشيونغ ميونغ"

" هاه؟ من؟ "

" أليس واضحا؟ إنه عيد ميلادك"

" أجل إنه اليوم"

عيد ميلاد، كان تشيونغ ميونغ قد نسي هذا الأمر منذ وقت طويل لا في الواقع لم يعد أمرا ذا أهمية.

ما الرائع في ميلاد شخص كان عاجزا عن حماية ما يعتز به على الرغم من كونه الأقوى؟

ما الرائع بشخص مات بشكل مثير للشفقة بعد أن خسر كل شيء؟

ما الرائع بشخص عاد بمفرده بينما كان يفترض به أن يكون ميتا مع رفاقه؟

(اسفة تشيونغ😭😭 لزوم الحبكة)

بدأ تشيونغ ميونغ من جديد بتفحص المكان من حوله، لم يستطع رؤيته سابقا لكن الآن بعد أن صفا عقله وهدأت العواصف المتأججة بداخله بات كل شيء أكثر وضوحا.

كان مكان معدا بكل مافيه لأجله، ورفاقه الذين يراقبونه بأعين دافئة، الزينة المتلألئة في المكان، الأطباق الشهية التي عدت لأجله فقط ومن بينها كان هناك

"اللحم المقلي"

(مابعرف بالضبط ش كان اسما الاكلة بس هي عبارة عن لحم خنزير لاهو مسلوق ولا هو مقلي نص نص تشيونغ مون اعدو الو هو وصغير بعيد ميلادو برواية جانبية انذكر)

ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتي تشيونغ ميونغ وهو ينظر للطبق تارة ولأخيه تارة أخرى، وحينها وقعت عيناه على زجاجات الكحول المميزة، كانت زجاجة فريدة نقش عليها زهرة البرقوق، احتفظ بها تشيونغ مون كما لو كانت كنزا وأخفاها لأجل المناسبات المهمة أجل ذلك الكحول اللذيذ.... هاه؟... زهرة البرقوق؟

رفع تشيونغ مون الزجاجة بابتسامة هادئة ونظر لتشيونغ ميونغ

"لقد كنت تريد شربها كثيرا من قبل، لثد أحضرتها خصيصا من أجلك"

"......."

"تشيونغ ميونغ؟"

بدأ جسد تشيونغ ميونغ يتصبب عرقا وهو يحدق بالزجاجة بيد تشيونغ مون

'هذه... الزجاجة.. لا يمكن أليس كذلك؟'

رفع تشيونغ ميونغ كأسه باتجاه تشيونغ مون الذي صب له الكحول بسعادة، بدا عليه التطلع لردة فعل تشيونغ ميونغ ووجهه السعيد عند شربها، لكن تشيونغ ميونغ الذي رفع الكأس إلى فمه بيدين مرتجفتين أظهر ابتسامة غريبة على وجهه

"ههه... شكرا.. لك ساهيونغ"

وضع تشيونغ ميونغ الكأس على شفتيه، في العادة كان سيبتلعها بسرعة البرق لكنه الآن كان يشرب بكل هدوء لدرجة أن تشيونغ مون كان سعيدا بهذا المشهد، ولأول مرة لا يشعر بالانزعاج عند رؤية تشيونغ ميونغ وهو يشرب

شيئا فشيئا بدأ السائل في الزجاجة يتسرب إلى حلقه الجاف

'لقد كنت محقا'

كان تشيونغ مون سعيدا وهو يراقب تشيونغ ميووغ يشرب الكحول التي كان يتوق إليها غير مدرك لحقيقة شعوره

في السابق...

في منتصف الليل، كان القمر يداعب برفق جبل هوا الساكن كغطاء لأحلامهم، وفي هذا السكون العميق دوى ضجيج خفيف من المخزن السري لزعيم الطائفة، شعر أسود طويل ورداء أسود ضيق مشدرد على جسده، احمرت وجنتاه وارتسمت على شفتيه ابتسامة سعيدة بينما يسيل لعابه وهو ينظر لزجاجات الكحول الثمينة المزخرفة بنقش أزهار البرقوق

'هاهاها ساهيونغ هل ظننت أنني لن أستطيع الوصول إليها هنا؟'

فتح تشيونغ ميونغ الغطاء لتتسرب رائحة حلوة تداعب أنفه، الكحول الثمين المصنوع من أزهار البرقوق، كان عبقه الآخاذ كافيا لسلب أنفاسه، وضع الزجاجة على فمه وبدأ يتجرع ما بداخلها، كظمآن يروي عطشه

"حاااه"

(بتعرفو هالصوت 😂)

لعق تشيونغ ميونغ شفتيه وهو يميل الزجاجة، وينظر حوله بسعادة

"زجاجة أخرى لن تضر أليس كذلك؟"

وهكذا وبعد مرور بعض الوقت حدق تشيونغ ميونغ بالزجاجات الفارغة أمام عينيه وأغمض عينيه كما لو كان يفكر بعمق

'إذا علم ساهيونغ بذلك سيقتلني..'

وبعد برهة من الزمن فتح عينيه وضرب قبضته بيده كما قد خطرت بباله فكرة عظيمة

"اوه وجدتها"

نهض تشيونغ ميونغ من مكانه والتقط الزجاجات الفارغة ليتجه بها إلى النهر القريب

(ماعندن بئر)

شيئا فشيئا امتلأت الزجاجات الفارغة بمياه النهر العذبة، وضع تشيونغ ميونغ الزجاجات بمكانها كما لو أن شيئا لم يكن وهم بالمغادرة ولكن في تلك اللحظة ابتسم ابتسامة ماكرة وهو يحدق بالزجاجات بأعين شريرة

'هههه ساهيونغ لا تلمني إنه جزائك لإخفائها'

أخرج تشيونغ ميونغ كيسا أبيض صغير من جيبيه، وبدأ بسكبه بالزجاجات واحدة تلو الأخرى بينما يبتسم بخبث وهو يتخيل ردة فعل أخيه

(ملح)

"هيهيهيهيهي"


..................

والآن كان تشيونغ ميونغ يدفع ثمن أفعاله حيث كان مضطرا لشرب مياه مالحة مع التظاهر بسعادة، غير قادر على لوم أحد، وعندما أراد الآخرون الشرب منها صاح بصوت مرتفع

"لااااااا"

"تشيونغ ميونغ لا تكن هكذا هناك الكثير"

"لا ساهيونغ إنها لي ولا يجب أن تستخدم الكثير منها ألا تخزنها للضيوف المهمين؟"

"أجل ولكن هذا يوم مميز"

"الضيوف أهم"

تشيونغ مون الذي لم يستطع دحض هذا وقف محتارا أمام تشيونغ ميونغ، يتسائل إذا ماكان قد نضج قليلا أخيرا، لكن وفي تلك اللحظة كما لو كان تشيونغ ميونغ يجيب على تساؤلاته صاح بالجميع

" أي شخص يقترب منها سيموت"

'هذا الوغد لا يزال على حاله'

في ذلك اليوم كان تشيونغ ميونغ يفضل ابتلاع ذلك البحر اللاذع من الكحول على أن يعلم أحد بالأمر

'لو علمو بذلك سيسخرون مني لن أقبل هذا'

"بلووغ بلوغغ بووغ"

(اصوات شرب😂)

...........

حدق تانغ بو بعيون مفتوحة ووجه مصدوم بالشيء الذي كان تشيونغ ميونغ يحمله

'هذا... هذا'

"هيونغ ماهذا؟"

"ها؟ ألا ترى رداء للتسلل"

"تسلل؟"

"إلى أين؟ "

"الحافة الجنوبية"

"بهذه الثياب؟"

"أجل"

"....... "

" ما الذي تفعله غير ملابسك بسرعة"

"لا هيونغ هل أنا جاد لحظة لما تشملني بهذا؟"

"ما الذي تتحدث عنه بالطبع أناجاد وستأت معي"

"أليس لدي خيار بهذه المسألة؟ "

" تأت أم تموت"

"....."

حدق الاثنان ببعضهما البعض لبرهة بصمت لكن سرعان ما التقط بو الشيء الذ ألقاه تشيونغ ميونغ عند لمحه للوريد الأحمر وهو يبدأ بالظهور، رفع الرداء وبدأ ينظر إليه، كان أسود وضيقا كزي اللصوص، لكن الطاوي المزعوم كان يرتديه بفخر، وكذلك سيفعل ابن عائلة تانغ المرموقة

'هيهيهيهي أولئك الأوغاد أكنتم تحتفظون بشيء رائع كهذا؟'

كانت نظرات السيوف الخمس هادئة بشكل غريب وهي تنظر إليه لا في الواقع تشاركو الصرخات مع بو واللعنات الداخلية بينما كان وجه هاي يون مصدوما بشدة

"لا ولكنه قديس السيف؟"

"إنه تشيونغ ميونغ"

"ولكنه.."

"تشيونغ ميونغ"

"إنه ساهيونغ"

"نعم هذا هو تشيونغ ميونغ خاصتنا"

"لسبب ما أشعر بالأسف على الحافة الجنوبية"

"ساسوك هل تحن لموطنك؟ بعد كل شيء أنتم عائلة بالطبع أتفه....."

"حسنا فلنتبعه"

"أجل"

" هيا بنا"

" ام"

"هيا سيجو"

" رفاق؟ "

عدل بايك تشيون ملابسه بهدوء وانطلق خلف تشيونغ ميونغ والبقية من خلفه بينما يراقبهم جوغول الملتصق بالجدار بعيون مظلومة تعرضت للخيانة

" انتظروني أيها الأوغاد"

" انتظرني أيها الوغد المجنوووون"

وبطريقة ما تزامنت صرخاته مع صرخة تانغ بو اليائسة وهو يلاحق تشيونغ ميونغ

بالطبع كانت كلها صرخات داخلية لم تخرج إلى النور

.......................

تناوبت نظرات تانغ بو بين الرداء الأسود بيديه وتشيونغ ميونغ الذي بدأ بارتدائه بسرعة مع ابتسامة ماكرة تعلو وجهه، في تلك الأثناء اجتاح تانغ بو الندم الشديد على ما اقترفته يداه

'من سألوم لقد كنت أنا السبب هاه'

قبل بضعة أيام بدا تشيونغ ميونغ الذي تم توبيخه لساعات من تشيونغ مون منزعجاً بشدة لذا فإن تانغ بو أراد مواساته بطريقة ما

"هيونغ"

"ماذا تريد"

"لما تغضب علي لم أفعل شيئا"

"لقد كنت معي أيها الوغد الخائن ولكني الوحيد الذي تم توبيخه"

بغض النظر عن كم كان هذا المنطق سخيفاً في حين أن الشخص الذي غضب وضرب الآخرين بشدة هو تشيونغ ميونغ وحده ولا ذنب لتانغ بو بذلك إلا أنه من المستحيل إقناع هذا الشيطان بذلك ولهذا قرر تانغ بو الخروج بحل آخر

"هيونغ هل أنت غاضب بسبب المشكلة أم بسبب التوبيخ؟"

"هاه؟ لما سأهتم بهؤلاء اللقطاء، لكن سماع تذمر ساهيونغ المزعج شيء آخر آآآآه لو أن هناك طريقة أستطيع بها ضربهم دون معرفة أحد"

"هذا مستحيل أنت مشهور"

'بالكلب المجنون لجبل هوا'

"ها ؟ لما ترفع يدك هكذا ما الذي قلته؟"

"لسبب ما شعرت بأنك تشتمني بداخلك"

".....هاهاها خذا مستحيل......"

"هؤلاء الأوغاد سأريهم بالتأكيد"

وبينما كان تشيونغ ميونغ يشد قبضتيه وتطلق عيناه الغاضبتان وعيداً قاتلاً لوغدا الحافة الجنوبية كان تانغ بو منغمساً بأفكاره وفجأة

"وجدتها!"

"لما تصرخ هكذا؟!"

"هيونغ وجدت طريقة يمكنك بها ضربهم من دون أن يكتشف زعيم الطائفة ذلك انتظر سأعود"

"هاه؟ هل جننت؟"

اندفع تانغ بو بسرعة إلى مكان ما تاركاً تشيونغ ميونغ الغاضب وخلفه وسرعان ما عاد بعد لحظات حاملاً بيديه قطعة قماش سوداء وألقى بها باتجاه تشيونغ ميونغ الذي رفعها بنظرة قذرة على وجهه

"ما هذا؟"

"يمكنك استخدامه....لا لما لا تضع يديك جانبا لنتحدث بهدوء"

"تكلم بوضوح"

"إذا ارتدى هيونغ هذا لن يستطيع أحد معرفة من أنت ولن يعلم زعيم الطائفة بذلك"

"......"

"ها لما أنت هادئ هكذا هيونغ؟"

"هل أنت عبقري؟"

"......."

"هيهيهيهيهيهيهيهي"

'نعم لقد كنت أنا من قدمتها له فمن يمكنني أن ألومه؟'

" ماذا قلت؟ "

" لا شيء"

....................

غمر ضوء القمر الساطع التلة الوعرة لجبل هوا كستار فضي ملقياً بظلاله على الصخور والأشجار ، انساب النسيم البارد برفق بين الأغصان كما لو كان يحمل همسات الليل، اختفت أصوات الطبيعة وكأنما كل شيء قد تجمد في لحظة تأمل.

لم يسمع في المكان إلا أصوات خطوات تشيونغ مون الواثقة وخطوات تشيونغ ميونغ التي تبعتها بصمت كالظلال، هكذا حتى وصلا إلى القمة حيث انكشف أمام أعينهما مشهد جبل هوا بأكمله.

انعكست أضواء القمر على قمة الجبل وكأنما تزينها بأحجار كريمة تتلألأ في قلب الليل، و فتحت لهما الطبيعة ذراعيها، وتراقصت أشجار البرقوق بأغصانها تحت نسيم الخريف العليل، وتساقطت أوراقها كرقصات ذهبية، لتتلألأ في ضوء القمر، محدثة صوتًا خفيفًا يشبه همسات الغابة.

في هذا المشهد الآسر والفاتن وقفا كلاهما صامتان يتأملان ذاك المشهد الخلاب بينما الأفق يمتد بعيداً حيث تتداخل ألوان السماء الداكنة مع ظلال الجبال البعيدة، وكأن العالم قد خُلق من ألوان عميقة وصامتة.

كان تشيونغ ميونغ ينظر إلى ظهر تشيونغ مون، ذلك الظهر الذي لطالما تطلع إليه كمن ينظر إلى جبلٍ شامخ. ظهره المستقيم والدافئ الذي كان يحمل عبء العالم، وكأنه يحمّل معه كل الآمال والأحلام التي عجز عن التعبير عنها.

وبصوت هادئ بدأ تشيونغ مون يتكلم، وكأن كلماته تنساب كنسيم خفيف في الهواء

"ميونغ آه"

"......."

"ألن تخبرني بالأمر؟"

"هذا...."

"أنت لست الشخص الذي يؤثر به حلم بهذا الشكل"

"......"

"من الصعب مشاهدتك من الجانب وأنت تحمل على كتفيك عبئاً تعجز عنه بمفردك"

تجمدت نظرات تشيونغ ميونغ عند سماع تلك الكلمات، كأنها قُبضت على قلبه. خفض رأسه في صمت، وكأن عواصف من المشاعر كانت تتلاطم في داخله. لحظات من التفكير تملأ جوفه، بينما كان يسعى لإيجاد الكلمات التي تعبر عن الألم الذي يكتمه.

ثم وبعد لحظة من الصمت الثقيل، خرج من فمه صوت مخنوق يكافح العبرات، وكأنه يحاول استجماع قواه

"ساهيونغ أنا...."

كانت كلماته تتسلل ببطء، كأشعة الشمس التي تحاول اختراق سحاب كثيف بينما يتأمل أخاه وعيناه الحانيتان مدركاً أن الآوان قد آن ليحرر ما قي قلبه.

.............

في منتصف الليل، والجو بارداً، بينما كانت الرياح تعصف بالأوراق المتساقطة، مما أضاف إلى أجواء المكان غموضاً وتوتراً، تحت ضوء القمر الخافت، كان كل شيء يبدو وكأنه غارق في السكون، إلا عن همسات رجلين يتسللان بحذر.

"هيونغ، هل أنت متأكد من ذلك؟"

همس أحدهما، وكانت نبرة صوته ترتجف قليلاً.

"اه، اصمت وتوقف عن التذمر!"

جاء الرد من الآخر، وكانت عيونه تلمعان في الظلام، عاكساً التوتر الذي يشعر به.

غطت كلاهما الملابس السوداء التي تتلاشى مع الظلام لتساعدهما بالتخفي بين ظلال الأشجار والمباني المحيطة.

تقدم الرجلان بخطى حذرة نحو المخزن، الذي كان يقع في نهاية الطريق، محاطاً بسياج خشبي مهدم وكانت جدرانه مصنوعة من الحجر القديم، تحمل آثار الزمن، بينما كانت الأسطح المنحدرة تتمايل مع هبات الرياح، كأنها تهمس بأسرار التاريخ.

وقفا أمام الباب الحديدي للمخزن الذي كان مصدراً للرهبة، بصدأه الذي كان يغطّي معظم سطحه، وكأنهما يقفان أمام عتبة الخطر.

"هيونغ كيف سنفتح هذا القفل؟"

سأل أحدهما، مشيراً إلى القفل الضخم الذي كان يلمع في ضوء القمر.

"دعني أفتحه بهدوء"

أجاب الآخر، وهو يخرج أداة معدنية من جيبه وببطء، بدأ يحاول فتح القفل بينما كانت الرياح تعصف من حولهم، تحمل معها أصوات الليل بينما كان قلبهما ينبض بشدة، وكأن كل نبضة كانت تحذرهم من العواقب وبعد لحظات من التوتر، سمعا صوت خافت يخرج من القفل وهو ينفك.

"نجحنا!"

همس ، بينما دفعا الباب ببطء، مما أحدث صريراً عالياً يخترق السكون.

تسللا إلى الداخل، وكانت أجواء المخزن خانقة، محملة برائحة الخشب العتيق وعطر الزمن المنسي ، أمامهما، صفوف من زجاجات الكحول المميزة، تتلألأ تحت ضوء القمر الخافت، وكأنها نجوم محبوسة في قناني زجاجية.

كل زجاجة تحمل قصة من احتفالات الطائفة القديمة، بألوانها المتنوعة من الأحمر العميق إلى الذهبي اللامع.

"هيهيهي"

بدأ تشيونغ ميونغ بفتح غطاء إحدى الزجاجات، وعندما فعل، انطلقت رائحة الكحول القوية إلى الهواء، مزيج من الفواكه الناضجة والتوابل، وكأنها دعوة للغوص في عالم من المتعة.

استنشقه عبيره بعمق ، وكأن روح الطائفة القديمة تنبض في أنفاسه كان كأنما يستنشق التاريخ نفسه.

"هذا رائع!"

همس تشيونغ ميونغ بفرح، وبدأ يتجرع الكحول، وهو يشعر بسخونته تسري في جسده. كانت النكهات تتراقص على لسانه، مزيج من الحلاوة والعمق،
بينما كان قلبه ينبض بسرعة مما أدى إلى اهتزاز تفاحة آدم الخاصة به بفعل الإحساس القوي الذي اجتاحه أضاءت الزجاجة في يده كأنها جائزة ثمينة.

" حااااااه"

بعد لحظات وضع تشيونغ ميونغ الزجاجة الفارغة من يده بعد أن أنهاها بنفس واحد، ومد يده إلى الرف المرصوص ليلتقط زجاجتين منه ويعلقهما على خصره بينما يمسك أخرى بيده ومن ثم ألقى لتانغ بو ببضع زجاجات إضافية

"هيا فلنذهب"

"حسنا هيونغ"

لمعت أعينهما بسعادة وحماس وهما يحدقان بالزجاجات المتجمعة على خصريهما، وهما للخروج بسعادة ولكن فجأة

"انتظر لحظة!"

عاد تشيونغ ميونغ للخلف قليلاً، متجهاً نحو زجاجات الخمور المتبقية

"هيونغ؟"

أخرج كيساً من جيبه، يحتوي على مسحوق أحمر، والذي كان فلفلاً حاراً ومن ثم ضحك بخبث وهو يرش المسحوق في الزجاجات الأخرى، كأنه يضفي عليها لمسة سحرية.

"ستكون هذه مفاجأة للضيوف!"

قال، مبتسماً في حماس، كانت ضحكته تنفجر في الفراغ، مزيج من الخوف والجنون، وكأنما يتحدى القدر.

"هيونغ؟؟؟؟"

عندما انتهى من إضافة الفلفل، أغلق الباب خلفه بحذر، مُجسداً لحظة التوتر التي كان ينتظرها بينما كانت أنفاسه تتسارع، وانطلق مع صديقه في الظلام، يهربان عبر الممرات الضيقة والمظلمة، بينما كانت قلوبهما تخفق بشدة، غير مدركين العواقب التي قد تنتظرهما.
....................................

بدأ تشيونغ ميونغ يتحدث إلى أخيه شيئًا فشيئًا، يفرج عن مشاعره، كمن يفتح صندوقًا مليئًا بالذكريات المؤلمة.

كانت كلماته تتدفق، مشحونة بالعواطف، وهو يسترجع أحداث ذلك الكابوس الرهيب. كان يتحدث عن مشهد الحرب المميت، بينما كانت تعابيره تتغير بين المرارة والعجز، وأحيانًا تمر بضحكات مريرة كأنها تضحك على قسوة القدر.

"رأيتهم"

قال بصوت مخنوق

"الأحفاد الذين كانوا يصرخون، يركضون في كل اتجاه كيف يمكنهم أن يُدعى التلاميذ الفخورين لجبل هوا؟"

كانت نبرته تحمل السخرية، وكأن الكلمات تُخرج من أعماق قلبه المُحطّم لكنها تخفي بداخلها شيئا من المرارة والفخر وبينما كانت مشاعره تتأرجح بين الغضب والإحباط، تفجرت في داخله ذكريات الطوائف العشر التي تركت رفاقه للموت.

"كانوا بخير يعيشون على المجد الذي بنيناه بدمائنا هكذا؟"

صرخ، وعيناه تشتعلان بنيران الألم، كانت كلماته تتردد كصدى في الليل، تعكس إحساسه بالخيانة.

"الدماء التي أرقناها، الأرواح التي أزهقت لم يتذكرها أحد"

شيئا فشيئا بدأ صوته ينخفض

"في ذلك العالم لم يكن جبل هوا موجوداً"

"ساهيونغ لم يكن هناك"

"لم يبقى أحد...فقط أنا"

ومن ثم جاء حديثه عن سبب كل هذا الكابوس

"الشيطان السماوي"

ذلك الوحش الذي تجاوز حدود الإنسانية، كانت تعابير وجهه تتغير لتظهر الخوف والاشمئزاز.

"تلك القوة التي لا يمكن لإنسان بلوغها،"

همس، مستعرضًا صورة ذلك الوجه الشاحب، الشفاه الحمراء، والعيون القرمزية التي تحدق به باحتقار، كانت تلك الصورة تطارده ككابوس، وتُغلق على نفسه كما تُغلق الأبواب على السجناء.

كان يتحدث عن كل شيء، مُحررًا ما بداخله، وكأنما كانت الكلمات تُخرج من أعماق جروحه.

"تارة يكون ساهيونغ حياً أمامي وفي تارة أخرى......"

ابتلع كلماته التالية كما لو كانت كل منها تكسر قلبه أكثر

"لم أدرك ذلك"

"......"

"لم أفهم في السابق"

"......."

"كم كانت ثمينة"

"...."

"ساهيونغ عند رؤية تلك الكلمات في الرسالة شعرت بقلبي يتمزق كما لو أن شراييني تتقطع، تجمد الدم في عروقي"

".........."

"ركضت كالمجنون"

"......"

"لقد كنت أخشى أن يتحول ذلك الكابوس لحقيقة، خشيت أن أخسركم"

"أن تكون هذه المرة واقعاً لا لبس فيه"

وفي تلك الأثناء، كان تشيونغ مون يستمع إليه بهدوء، لكن داخله كان يتقطع. كل كلمة كانت كالسهم الذي يخترق قلبه، مسببًا له الألم والخوف. كان هذا أكثر ما يخشاه، اليوم الذي يخسر فيه تشيونغ ميونغ كل شيء، اليوم الذي ينهار فيه كل ما يتعلق به ويترك وحيدًا، يجتاحه الندم والمرارة.
على الرغم من أن كل ما يقوله أخوه كان مجرد حلم، كان التفكير بذلك كافيًا لتمزيق قلبه. برفق، وضع يده على كتفي تشيونغ ميونغ، كأنه يحاول أن يمنحه بعض القوة.

"لا بأس،"

همس،

"أنا هنا الآن. سنواجهه سويًا."

احتضنه بالنهاية، كأنما كان يحاول أن يمحو كل الآلام، ويُعيد الأمل إلى قلبه.
"تشيونغ ميونغ، لقد تحملت الكثير،"

قال بصوت هادئ وحنون، وكأن تلك الكلمات كانت بمثابة وعد، وعد بأنهما لن يواجهوا الأهوال وحدهما.
.............

تشيونغ ميونغ وتانغ بو تركا المخزن، الذي كان يحمل في جدرانه أسرار الطائفة القديمة، بينما كانت الرياح تعصف من حولهما، تحمل معها همسات الليل، وكأنها تنذر بخطر قادم.

بدأ الرجلان بالتسلل بهدوء، كانت خطواتهما خفيفة كأنهما أشباح، حذرين من كل حركة، متجنبين أنظار الحراس الذين يتجولون في محيط المخزن. لكن بينما كان تانغ بو يتقدم، داس على غصن شجرة جاف، مما أحدث صوتاً خافتاً لكنه كافٍ لجذب انتباه الحراس.

التفت الحراس بسرعة نحو مصدر الصوت، بينما نظر له تشيونغ ميونغ بغضب، بعيون حمراء محتقنة بالدماء.

"تبا لك، سأضربك لاحقاً!"

"......."

همس، وهو يحاول تهدئة نفسه في خضم الفوضى ومن ثم اندفع الحراس نحوهما كالجراد يلحقان بهما.

قفز تشيونغ ميونغ بوجه غاضب ومنزعج واضعاً قدمه على وجه أحد الحراس، مما أدى إلى سقوطه على الأرض بفعل القوة. في نفس اللحظة، وجه قبضته إلى وجه الحارس الآخر، الذي كان يحاول الاقتراب منه.

من خلفه، كان صديقه يمهد له الطريق، متقدماً بخطوات سريعة، عازماً على الهرب. كانت الأدرينالين تتدفق في عروقهما، وكأنهما في سباق مع الزمن.

أخيراً، وجدا فرصة للدخول إلى أحد الغرف المظلمة للاختباء. أغلقا الباب خلفهما، ورغم ضيق المكان، شعرا بأنهما قد وجدا بعض الهدوء.

"أخيراً، بعض الهدوء!"

قال تانغ بو، وهو يتنفس الصعداء، بينما كان قلبه لا يزال ينبض بشدة.

"تبا لما هم مثابرون هكذا؟"

زمجر تشيونغ ميونغ، وهو يراقب من خلال شقوق الباب، عينيه تتأملان الحراس الذين لا يزالون يبحثون في الخارج. كانت الأجواء مشحونة بالتوتر.

في تلك اللحظة، شعر الاثنان بأنهما محاصران في عالم من التوتر والقلق، لكنهما أيضاً استشعرا طعم الانتصار. كان المكان ضيقاً، لكن الهدوء النسبي جعلهما يشعران بأنهما قد وجدا ملاذاً مؤقتاً. ومع ذلك، كان عليهما أن يستعدا لمواجهة العواقب، لأن الخطر لم يكن بعيداً.

بدأ تشيونغ ميونغ يتفقد الغرفة التي دخلاها والتي كانت فاخرة بشكل غير متوقع، حيث كانت الجدران مزينة بأقمشة فاخرة، وكل زاوية كانت تحمل لمسات من الرفاهية، كأنها تعكس تاريخاً عريقاً.

كانت هناك سجادة سميكة تغطي الأرض، مليئة بنقوش معقدة ومزدهرة، بينما كانت الأثاث مذهلاً، مصنوعاً من خشب غالي الثمن ومزينة بتفاصيل فنية دقيقة. على أحد الجدران، كان هناك إطار يحتوي على لوحة قديمة تُظهر مشهداً طبيعياً رائعاً.

وبينما كان الرجلان يتنفسا الصعداء ويزفران براحة، التقت أعينهما بعيني طفل صغير يقف في زاوية الغرفة، ينظر إليهما بعيون متلألئة وإعجاب. كانت ملامح الطفل بريئة، وشعره الفوضوي يتراقص مع نسيم الهواء الخفيف الذي تسرب من الشقوق في الجدران والملابس التي يرتديها فاخرة بشكل مبالغ به.

حين كان الطفل على وشك فتح فمه، وضع تشيونغ ميونغ يده بسرعة على فمه، مغلقاً عليه.
"لا تصرخ أيها الطفل، لقد أتينا فقط لتناول مشروب. انظر..."

قال بصوت خافت، لكنه حازم وهو يظهر زجاجة الكحول في يده للطفل الصغير.

"سأزيح يدي عن فمك، لذا لا تصرخ، اتفقنا؟"

أزاح تشيونغ ميونغ يديه عن فم الطفل بهدوء، وعيناه تراقبان كل حركة، حدق الطفل به بريبة، ثم نظر إلى الرجل الآخر بجانبه. في لحظة، اتسعت عينا الطفل، وظهر الإعجاب بوضوح على وجهه. كانت نظراته المتألقة كالشمس التي تتسلل عبر الغيوم، مما جعل تشيوونغ ميونغ يتراجع خطوة إلى الوراء، غير مدرك لسبب رد فعله.

"سيد سيف زهرة البرقوق!"

صاح الطفل ببراءة.

"هاه؟ لا، أنا لست هو أيها الوغد!"

رد تشيوونغ ميونغ، محاولاً إنكار أي ارتباط.

"أنت من جبل هوا أليس كذلك هل تعرفه إذا؟"

"لا أنا لست من جبل هوا"

"بلا أنت كذلك"

"لا لما أنت عنيد هكذا ألا تفهم ما أقوله"

أصرَّ الطفل، مشيراً بإصبعه نحو السيف المعلق على خصر الرجل لترتسم على وجهه ابتسامة مشرقة، وكأن اكتشافه كان بمثابة انتصار له.

كان السيف حاداً، لامعاً، وعليه نقش زهرة البرقوق، رمز جبل هوا التاريخي، الذي يرمز إلى الشجاعة والفخر. كانت حافة السيف تتلألأ في الضوء الخافت، وكأنها تتحدث عن قصص من مغامرات سابقة.

نظر تشيوونغ ميونغ إلى سيفه، ثم إلى الطفل، وأدرك أن الطفل قد ربط بين السيف ورموزه، مما جعله يشعر بمزيج من الفخر والقلق وبدأ العرق يتدفق من جبينه بينما حدق به تانغ بو بأعين فارغة

" لا ما فائدة التسلل إذا كنت ستحمل السيف بكل ثقة هيونغ هل جننت"

"هاه؟ هل تريد الموت أيها الوغد"

وبينما كان تشيونغ ميونغ يمسك بتانغ بو من ياقته مستعداً لضربه رن في أذنيه صوت متحمس وبريء

"خذوني معكم"

"هاه؟"

"ماذا قلت أيها الطفل؟"

"أريد الذهاب"

"إلى أين؟"

"إلى حيث تذهبان"

اقترب تانغ بو بهدوء من الطفل ونظر له بتوتر

"هل تعلم أين سنذهب؟"

"جبل هوا"

"هاهاها أنت طفل ذكي ولكن لا يمكننا أخذك معنا كما تعلم"

"إذا سأصرخ"

"هاه؟"

"اا"

وقبل أن يفتح الطفل فمه سارع تانغ بو لوضع يده عليها وتناوبت نظرات تشيونغ ميونغ بين العيون المتلألئة والحرس المتجمعين بالخارج، لتخرج من فمه تنهيدة يائسة ويهز رأسه باستسلام

"حسنا"

"هيونغ!"

"هل لديك حل أفضل؟"

"هذا..."

"لا يمكننا ضرب طفل صغير أليس كذلك"

نظر تانغ بو إلى وجه الطفل وهو يبتسم بفخر كما لو كان انتصر بمعركة وبصديقه الذي أظهر وجها مشوها ليستسلم هو الآخر

(الولد ما عرفو عرف بس انو من جبل هوا بحال ما وضحتها صح)

(الولد ما عرفو عرف بس انو من جبل هوا بحال ما وضحتها صح)




تعليقات