الفصل الثالث عشر

 ساهيونغ إنها جانغام ما المشكلة؟


في جو محرج، وفي الغرفة الفاخرة التي تتلألأ بألوان دافئة، جلس الاثنان قبال بعضهما.

كان الأول رجلاً وسيم الملامح، على الرغم من أنه كان يرتدي رداءً أسود يغطي جسده بالكامل.

لكن رغم ذلك، كانت ملامحه الحادة وجسده المتناسق، الذي يميز الفنانين القتاليين، بارزة بوضوح، مما أعطاه طابعًا قويًا ومهيبًا.

شعره البني الطويل كان منسدلاً بطريقة غير عادية، ينساب على كتفيه بشكل أنيق، مما أضفى عليه هالة من الغموض والجاذبية.

حدق بالطفل الجالس أمامه، كان طفلاً ذا شعر أسود لامع، يتلألأ تحت الضوء الخافت، وعيونه زرقاء صافية، تعكس براءة وحماسًا لا يمكن تجاهله.

بدت عيونه المتلألئة كأشعة تخترق جسد تانغ بو ،وكأنما ينتظر منه شيئًا مدهشًا، مما زاد من حدة التوتر في الغرفة.

عند النظر إلى ملابس الطفل التي كانت بسيطة وراقية بنفس الوقت، كما يليق بابن لعائلة مرموقة، شعر تانغ بو بشعور خفيف بالذنب بطريقة ما أدرك سبب موافقة تشيونغ ميونغ على اصطحابه معهم.

'المسكين ..لا هل هي عائلته؟ لا لربما طائفة الحافة الجنوبية؟ في هذه الحالة لم أعد أعلم حقا على من يجب أن أشعر بالأسف بالضبط....أين ذهب ذلك الوغد بحق الجحيم'

عند تذكر ما حصل قبل لحظات بدأ غضب خفي يتصاعد في قلب تانغ بو، بعد أن قرر اصطحاب الطفل معه وقبل خروجهم توقف تشيونغ ميونغ للحظات بوجه عابس

"ما الأمر هيونغ؟"

"إنه مزعج"

"ماهو؟"

"الذهاب هكذا "

"هاه؟"

بدأ تشيونغ ميونغ يبعثر شعره الأسود بانزعاج شديد وهو يشعر بدواخله وهي تلتوي، وفجأة

"آآآه وجدتها هيهيهيهي...هيهيهي"

تانغ بو الذي راقب الضحكة التي ارتسمت على وجهه لم يفهم بالضبط ولكنه كان متأكداً من شيء واحد

'ما الضغينة التي لديه ضدهم بحق الإله؟'

بدت التعابير الشريرة لتشيونغ ميونغ ترسم بوضوح خطة لقلب معدة طائفة الحافة الجنوبية

"هيهيهيهي....هيهيهيه.."

"هيونغ؟"

بحذر نادى تانغ بو على تشيونغ ميونغ الذي بدأت ضحكته بالتصاعد بينما يهتز جسده من الإثارة.

'إذا كان مجرد التفكير يجعله هكذا ما نوع المصيبة التي ينوي فعلها بحق؟'

وهكذا يد تانغ بو التي التقطت الفراغ الذي خلفه تشيونغ ميونغ عادت لمكانها بصمت بينما يتبادل النظرات مع الطفل بجواره، الذي كان يميل رأسه بحيرة على المشهد.

"هه...هههاهاها.."

تسربت من فم تانغ بو ضحكة يائسة بسبب صديقه الذي اختفى تاركاً إياه يتعامل مع الطفل الصغير بمفرده

ما الذي ستفعله أيها الوغد المجنون، عد بسرعة"

................

(تعبت وقول هاي يون لحال خلص ستة أنا سمحتلو ينضم لجبل هوا)

وفي تلك الأثناء، بينما كان تانغ بو يشتم بداخله كانت السيوف الست تراقب تشيونغ ميونغ بنظرات فارغة، كان الجنون الذي ينكشف أمام أعينهم شيئا لا يمكن تصوره

"ها؟ لما أذني تحكني؟...هيهيهي هذا لا يهم الآن"

"هذا الوغد ما الذي يخطط لفعله الآن"

"ألم يكتف بما فعل؟ لما لا يهرب سيكشف هكذا"

كانت تلك كلمات عادية نابعة من القلق على أن يشوه اسم الطائفة نعم كانت عادية للغاية، لكن لو كان قائلها هو شخص آخر.

حدق الجميع بأعين فارغة ببايك تشيون الذي كان يقلب عينيه بتوتر بينما يصيح لتشيونغ ميونغ أن يخرج بسرعة

"يمكنك العودة وفعلها لاحقاً أيها الوغد"

"ساسوك أهذه مشكلتك؟"

"هاه ما الأمر؟"

عند رؤية تلك النظرات لم يستطع أحد التكلم، كانت عيناه تشعان شرراً وبينما يقاوم زوايا فمه اللتان تكافحان للصعود، من المفارقة أن الشخص الذي كان سعيداً بإفساد طائفة الحافة الجنوبية بعد تشيونغ ميونغ كان هو نفسه دونغ ريونغ

خرجت من أفواه الجميع تنهيدة عميقة وهم يشاهدون قديس السيف الذي يتجول ليلاً بسعادة متسللاً بأرجاء طائفة الحافة الجنوبية، وسليلهم الذي كانت عيناه تشتعلان بحماس وهو يشاهد هذا المشهد

"من أين بدأت الأمور تصبح هكذا؟"

بدأ تشيونغ ميونغ بالنظر بالمكان من حوله، بوجه منزعج وغير راض، كان المكان أنيقاً بأجواء تعكس عبق التاريخ وجلال الماضي.

القاعة، التي كانت تتسم بالفخامة، الجدران المغطاة باللوحات القديمة التي كانت تمثل مشاهد من معارك بطولية، كل منها يحكي قصة من قصص الشجاعة والنضال.

التحف النادرة كانت تُعرض بعناية على الأرفف الخشبية الداكنة، بما في ذلك دروع قديمة وأسلحة مشهورة، وكانت كل قطعة تحمل بصمة من الزمن، كأنها تشهد على عظمة الماضي.

في أحد الزوايا، كانت هناك الشواهد التي تتحدث عن التاريخ المجيد للطائفة، الإضاءة في القاعة كانت خافتة، حيث كان توهج الشموع يتراقص، أضفت جوًا من الغموض والهيبة.

الظلال كانت تتحرك على الجدران، كأنها تراقب تصرفات تشيونغ ميونغ، الذي كان يتنقل بين التحف كأنما روح غاضبة تبحث عن الانتقام.

ملابسه السوداء كانت تخفيه تمامًا في تلك الأجواء الدامسة، جعلته يبدو كظل يتجول في الفضاء.

كان قلبه ينبض بالحماسة، بينما كانت مشاعر السعادة والخبث تتأجج في داخله. مع ابتسامة خبيثة، أخرج من جيبه قلم حبر لامع، وبدأ يرسم على ألواح الأسلاف، وكأنما ينقش تحديًا لطائفة الحافة الجنوبية.

"هاهاها، أوغاد الحافة الجنوبية!"

ضحك بشغف، بينما كانت ضحكاته تتردد في أرجاء القاعة، تضفي على المكان طابعًا من الجنون. كل ضربة قلم كانت تعكس شغفه في إحداث الفوضى، حيث رسم أشكالًا ساخرة لأبطال الطائفة المنافسة، ملامحهم مشوهة بشكل فكاهي، وكأنما يسخر من قوتهم المزعومة.

تشعره لحظات الإبداع تلك وكأنه يزرع بذور الفوضى في عالم الطوائف، وأنه سيبقى في أذهانهم كعدو لا يُنسى. كان يستمتع بتخيل أولئك العجزة الأوغاد وهم يمسكون رؤوسهم من الغضب وتتلوى معدتهم من المشهد.

في تلك اللحظة، كان لديه شعور عارم بالنصر، وكأن كل ضحكة كانت تخرج منه كانت تعبر عن انتصاره على خصومه. كانت القاعة القديمة، بكل ما تحمله من تراث، تشهد على جنونه.

"هيهي هيهي....هيهيهييهيهيهي"

..............

في عمق الليل، كان جبل هوا مغطى بسكون عميق، حيث كانت الرياح تتلاعب برفق ببتلات الأزهار المتراقصة، كأن الطبيعة نفسها تستمتع بالهدوء.
وعلى أحد المقاعد الحجرية، كان تشيونغ ميونغ غارقًا في نومٍ عميق، ملامح وجهه تعكس تعب السنوات التي عاشها، بيد أن هذا السكون انكسر فجأة.

"تشيونغ ميونغ!"

جاء صوت مألوف، ينفذ عبر الظلام كخيط من الأمل.
فتح تشيونغ ميونغ عينيه بتثاقل، وتثاءب ببطء، و سرعان ما رفع رأسه متوقعًا رؤية أخيه لكن،
ما ظهر أمامه كان وجهاً آخر مألوفاً وغريباً بالوقت ذاته، تداخلت صورة أخيه تشيونغ مون مع الوجه الذي رآه بملامح مشوشة وقلقة تعكس الاضطراب الذي في داخله
"ساهيونغ؟"

همس تشيونغ ميونغ، وعيناه تتسعان في حيرة، كأنما يحاول استيعاب الواقع.

"نعم؟"

أجاب يونغ جونغ، لكن نبرة صوته لم تكن مريحة. كان هناك قلق عميق في عينيه، كأنهما تعكسان ظلال مخاوف لم تُفصح عنها.

فجأة، اتسعت عينا تشيونغ ميونغ، وشحب وجهه بينما أدرك أنه ليس أمام أخيه.

كأن شيئًا ثقيلًا انزلق من قلبه، وبدت ملامح وجهه كأنها تعبر عن الصدمة والفزع. بدأ يبحث حوله، قلبه ينبض بشدة، ودماؤه تتدفق بسرعة.

"تشيونغ ميونغ؟"

سأل يونغ جونغ، لكن صوته بدا بعيدًا، كأنه يأتي من عالم آخر.

فزع تشيونغ ميونغ، وبدون تفكير، انطلق كالمجنون، يركض في أروقة الجبل، يصرخ باسم أخيه.

"ساهيونغ!"

"جانغ مون ساهيونغ!"

"تشيونغ مون ساهيونغ"

صوته كان يختلط بالرياح، يتردد في الفضاء بشكل يائس.

"أرجوك... لا... لم يكن حلمًا... لا... ليس مرة أخرى.. لا... ساهيونغ!... لااااا!"

كانت كلماته تتعثر في حلقه، تتساقط كحبات مطر في عاصفة. كل خطوة كانت تعمق من شعوره بالخسارة، وكأن الأرض تتزحزح تحت قدميه.

.............

بينما كان الطفل يجلس على حافة مقعده يراقب بإعجاب غير مدرك تماماً للقلق والأفكار التي تراود تانغ بو والهواء الذي كان مشبعًا بشعور من الخوف والقلق، كانت الزخارف الجميلة على الجدران تعكس تقاليد الطائفة، لكنه كان عاجزاً عن الاستمتاع بأي منها، حيث كانت لحظة الصمت بينهما كانت ثقيلة.

لذا وفي محاولة لكسر هذا الجمود، أخذ تانغ بو نفساً عميقاً إلا أن الكلمات لم تخرج منه بسهولة، حيث شعر أن كل نظرة من الطفل كانت تتحدى صمته، لذا وبصوت محرج تحدث تانغ بو

"ما اسمك؟"

"سيجين"

جاءت الإجابة من فم الطفل بسرعة كما لو كان ينتظر أن يتم سؤاله، حينها تابع تانغ بو كلامه بشيء من التردد

"لما تريد اللحاق بنا؟.. لا أتعلم حتى من الشخص الذي تلاحقه؟"

"إنه طاوي من جبل هوا"

رد سيجين بابتسامة عريضة على وجهه، وتحت الابتسامة الهادئة لتانغ بو تصارعت دواخله بشدة وهو يشاهد تلك العيون المتلألئة، كانت تلك بالتأكيد عيون شخص معجب بالكامل

'لا إنه هيونغ، الكلب المسعور لجبل هوا، الشيطان الخارج من الجحيم، أي طاوي هو هذا؟'

لكنه حاول وبشدة السيطرة على مشاعره من الخروج

"ما الذي تبحث عنه في جبل هوا؟"

سأل تانغ بو، محاولاً السيطرة على مشاعره.

"سمعت أن المبارز الأفضل في العالم سيكون موجوداً هناك!"

أجاب سيجين ببراءة.

"المبارز الأفضل؟"

تساءل تانغ بو، على الرغم من أنه كان لديه فكرة عمن كان يقصده الطفل بكلامه، كان صديقه الذي غادر المكان بابتسامة خبيثة على وجهه، الشخص الذي يتسكع بيده زجاجة كحول ويضرب الناس هنا وهناك.

"الشيطان المجنون ذلك الكلب المسعور؟؟"

"هاه؟؟؟؟"

تانغ بو الذي أدرك أن كلماته تدفقت من فمه بصوت عال أزاح بصره لناحية الصوت المنزعج الذي ثقب أذنيه

"كلب مسعور؟؟؟ مجنون؟؟"

أعاد تشيونغ ميونغ كلماته بينما يميل رقبته بأعين تشع شرراً وابتسامة تقشعر بها الأبدان، كانت تلك الابتسامة تتداخل مع صورة أسورا وهو يلقي بالناس بالجحيم بسعادة

"هاهاها لم أعلم أن جبل هوا خاصتي يحوي على شخص كهذا أتسائل من تقصد بهذا بكلامك؟؟؟"

عرق بارد غزير تصبب على ظهر تانغ بو بينما يختنق بكلماته محاولاً تهدئة هذا الوحش الهائج لكن .....

..................................................

بغتة، استيقظ تشيونغ ميونغ من نومه مرتجفاً، كما لو كان قد صعد لتوه من أعماق البحر، تحركت عيناه بعنف تحت جفونه الثقيلة، تتفحصان الغرفة المألوفة بنظرة حائرة.

كان كل شيء على ما يرام، الجدران الخشبية، السرير البسيط، حتى رائحة أزهار البرقوق المتداخلة مع نسيم الجبل العليل، لكن هناك شيئًا ما يزعجه، كشوكة غائرة تغرس بعمق في جوارحه

نهض متعثراً، يده اليمنى تشد على صدره، محاولة تهدئة دقات قلبه التي رفرفت كطائر حبيس في قفص، يرفرف بأجنحته محاولاً الهرب.

كل خطوة يخطوها كانت تثير غبارًا من الشكوك في ذهنه كمن يسير على حافة هاوية، وكل لحظة قد تكون الأخيرة عرق بارد يلتصق بجبهته، وشعره مبعثر على وجهه.

"لا... لا يمكن..."

همهم بصوت خافت، صوته المبحوح يصدح في الصمت المطبق للغرفة. رفع يده إلى وجهه، وكأنه يحاول أن يلمس حقيقة هذا الوهم الذي يطارده.

كسهم مشتعل ركض نحو غرفة ساهيونغ، خطواته المتثاقلة تتسارع، وكأن الشيطان نفسه يطارده.
قلبه ينبض في حلقه، وكأنه يريد أن يخرج.
عيناه تفتشان عن أي خطر محتمل.
كل عضلة في جسده مشدودة، وكأنه نابض.
كل سؤال كان يمر عبر عقله كخنجر، يجرح ويؤلم، بينما أقدامه تتسارع نحو المجهول.
الرياح الباردة التي تهب من النوافذ كانت تلامس وجهه، وكأنها تذكره بأنه لا زال حيًا، لكن الخوف كان يسيطر عليه.

"لا...لا...رجاء...ساهيونغ"

تسربت من فمه صرخة مكتومة، ممزوجة بالخوف واليأس.
............
كان سيجين ينظر بعينين فارغتين، بينما كان المشهد أمامه يكشف عن أحد طاويي جبل هوا الذي يتوق إليه، وهو ينهال بالضرب على شخص آخر.
كان الأمر أشبه بعملية عجن، حيث كانت الضربات تتوالى كالعواصف، مما جعله يتساءل في داخله،

"كيف تحول الأمر لهذا؟"

قبل لحظات...

"هيونغ، اهدأ قليلاً واستمع إلي..."

حاول تانغ بو بسرعة أن يهدئ الموقف، لكن نبرته كانت مشبعة بالتوتر.

"اهدأ؟؟؟"

جاء رد تشيونغ ميونغ كصاعقة رعدية، يعبر عن استياء عميق وكأنه يصرخ في وجه عاصفة.

"حسناً، أنا أخبرت الفتى أننا نرتدي هكذا بسبب الشيطان في جبل هوا!"

صرخ تانغ بو، وكأن هذه الكلمات كانت آخر أمل له للخروج من المأزق.

"هاه؟؟؟؟ شيطان؟؟"

جاءت الإجابة من فم تشيونغ ميونغ، الذي كان وجهه مشوهًا بغضب، ملامحه مُحاطة بتجاعيد عميقة وكأن الغضب قد نحتها في وجهه كأنها علامات حروق.

"أتعني ساهيونغ؟؟"

أضاف تشيونغ ميونغ، وعينيه تتألقان بالجنون.

"هاه؟"

كان تانغ بو في حالة من الدهشة.

"كيف تجرأ على نعت ساهيونغ بالشيطان، أيها الوغد؟"

كانت كلماته تخرج كالرصاص.

"أتقصد أن ساهيونغ الخاص بي هو شيطان مجنون وديكتاتور ظالم؟؟"

"هاه؟"

تراجع تانغ بو خطوة إلى الوراء، محاولاً استيعاب الموقف المتصاعد.
في تلك اللحظة، أراد تانغ بو أن يصرخ

"لا لما تدخله في هذا الأمر ومتى قلت هذه الأشياء أيها الوغد؟"

لكن عيني تشيونغ ميونغ، اللتان كانتا تبرقان بجنون، جعلته يبتلع كلماته بسرعة، ويسارع بالاعتذار

"هذا... أنا آسف، هيونغ، لم أقصد!"

همس تانغ بو، بينما كان قلبه ينبض بسرعة.

"أجل، لا بأس بالتأكيد الناس يرتكبون الأخطاء."
كان سيجين الذي يستمع من الجانب وعلى الرغم من غرابة الموقف على وشك الإعجاب بتشيونغ ميونغ الذي كان على استعداد لتجاهل هذا الأمر

"هذا هو الطاوي الحقيقي"

لكن الصوت الحاد والمزعج الذي خرج من تشيونغ ميونغ جعله عاجزاً عن النطق.

"لكن، إذا كان يمكن حل المشكلات بالاعتذار، فلماذا قامت الحروب، أليس كذلك؟"

قال تشيونغ ميونغ، يميل برقبته يمنة ويسرة، يشد قبضتيه بحركة مفاجئة، وبابتسامة جحيمية على وجهه تقدم نحو تانغ بو بخطوات بطيئة وثابتة بأعني متوهجة كالشيطان، بدا كبركان على وشك الانفجار.

تانغ بو، الذي لم يتوقع هذا التطور المفاجئ، تراجع خطوة إلى الوراء، وعيناه تتوسعان من الدهشة والخوف.

قفز تشيونغ ميونغ كما لو كان نمراً ينقض على فريسته، وامتدت يده كسوط لتصدم بوجه تانغ بو بقوة هائلة.
ارتطم وجه تانغ بو بالحائط، مما أحدث صوت صليل عالي، ليسقط أرضًا ممسكًا برأسه بين يديه، يتلوى من الألم. لكن أياً من ذلك لم يكن مهمًا لتشيونغ ميونغ.

"هاه؟ من أنت أيها الوغد لتتحدث عن ساهيونغ هكذا؟ أنا فقط من أشتمه!"

اعترض تشيونغ ميونغ بحدّة، وذاته تتلظى بالنار.

"لا، ما هذا المنطق اللعين، لقد كنت أنت فعلاً من شتمه، أيها الوغد؟"

كان ذلك صدى داخلي لتانغ بو، بينما كانت مشاعره تتأرجح بين الألم والاستياء.

رفع تانغ بو رأسه ببطء، وعيناه منتفختان وحمرتان، وكأنما يكافح ليبقى واعيًا. لمس مكان الضربة بأطراف أصابعه، وبدأ يتحسسه بألم. نظر إلى تشيونغ ميونغ بعيون منزعجة ومظلومة، وكأنه لا يصدق ما حدث.

"أنت مجنون!"

همس بصوت ضعيف، بينما كان الغضب يتصاعد في داخله.

"هناك صوت ات من هناك"

"إنهم بتلك الغرفة أمسكوهما"

"هاه؟"

توقف تشيونغ ميونغ عن ضرب تانغ بو محدقا بالتلاميذ الذين تدفقو فجأة في المكان، كان قد نسي لوهلة أنه قد تسلل للمكان

"هيو.. نغ.. علي.. نا... الهر.. ب"

"هاه؟"

تشابكت عينا تشيونغ ميونغ المذهولتان مع نظرات تانغ بو الحانقة لتتسرب من فمه ضحكة فارغة

"هه.. هاهاها"

"......."

"......."

"......."

"......."

"......."

"......."

.........................
دفع تشيونغ ميونغ الباب بقوة وكأن كل ما في داخله من قلق وطاقة مختزنة قد انفجر في تلك اللحظة.

"ساهيونغ"

صرخ بصوت يصدح في الهواء بينما تجولت عيناه في الغرفة باحثاً عن أي دليل لوجود أخيه، رائحة الخشب القديم تشابكت مع رائحة العرق المنبعث منه.

في منتصف الغرفة كان تشيونغ مون جالساً بهدوء، ممسكًا بفنجان من الشاي، عطره الدافئ يملأ الغرفة ويشعر بالسكينة.

بالطبع كان هذا قبل أن يدخل تشيونغ ميونغ بتلك الطريقة، تدفق الشاي من فم تشيونغ مون بلحظة غير متوقعة، كأن الوقت قد توقف للحظة ليشهد على الفوضى.

"ي... يدك!!! لقد أخبرتك ألف مرة أن تفتح الباب بيدك أيها الوغد!"

صرخ تشيونغ مون بغضب، على الرغم من تكراره باستمرار أن الباب يجب أن يفتح باليد إلا أن تشيونغ ميونغ كان مصراً وبشكل غريب على استخدام قدميه، لكن وعند رؤية القلق العميق على وجهه وعيناه اللتان لمعتا كنجوم في سماء مظلمة، ابتلع تشيونغ مون كلماته التالية وبصوت هادئ ونبرة حانية تحدث،

"ميونغ آه هل أنت بخير؟"

تتشنج عضلات وجه تشيونغ ميونغ، ويشبك يديه بإحكام أمام صدره.

"كان كابوسًا..."

يتمتم بصوت خافت، ثم يرفع رأسه وينظر إلى ساهيونغ بعيون دامعة.

"هل أنا مجنون؟ أم أن العالم من حولي هو الذي فقد عقله؟"

"تشينونغ ميونغ؟"

تلاشى القلق تدريجيًا من وجه تشيونغ ميونغ، وحل محله شعور بالخجل.

"كان كابوسًا سخيفًا"

"......"

مرت لحظة من الصمت المتوتر قبل أن تتسرب من فمه ضحكة خفيفة، كانت ضحكته تختلط بين الحيرة والارتياح، وكأن الضغوط التي كانت تساوره بدأت تتلاشى. "سأصاب بالجنون!" قال وهو يضع يده على قلبه، محاولاً استعادة أنفاسه، وكأن الكلمات كانت مسكنًا للقلق.

"لا أستطيع أن أقول... كان كابوسًا... لكنك هنا، وهذا ما يهم."

"هاه؟"

"ساهيونغ"

"أجل؟"

فجأ رفع تشيونغ ميونغ رأسه مظهراً وجهاً جاداً كما لو كان قلقه السابق مجرد كذبة

"لا وقت لدينا للاسترخاء ما الذي تفعله بشرب الشاي هكذا؟"

"هاه؟"

"لم أتوقع أن ساهيونغ سيكون كسولاً هكذا"

كان تشيونغ مون الذي تلقى توبيخاً مفاجئاً عاجزاً عن النطق في هذا المشهد العبثي

"ستأت عائلة تانغ وقصر الوحش قريبا"

"....."

"اوه وعليك اتخاذ قرار بشأن الخروج من التحالف"

"....."

"هاه؟ ساهيونغ لما تنظر لي هكذا؟"

كان تشيونغ مون في تلك اللحظة يكافح الغضب المتأجج بداخله بسبب المصائب التي يتسبب بها أخيه الأصغر إلا أن الضربات المتتالية تجعل المرء عاجزا، لا كل منطق وصبر يقف عاجزا أمام تشيونغ ميونغ.

بخفة التقط تشيونغ مون فنجان الشاي بجانبه وألقى به تجاه تشيونغ ميونغ الذي راح يهرب بابتسامة على وجهه، متفادياً إياه بمهارة

"هاهاهاها ساهيونغ علي الذهاب لازال هناك أمر علي فعله سأدع الأمر بيدك"

"عد إلى هنا أيها الوغد المجنووون"

خرج تشيونغ ميونغ مسرعاً من الغرفة وشيئا فشيئا تلاشت الابتسامة التي زينت وجهه بينما يلتفت للخلف، كان ينظر لكل ما حوله كزجاج هش سيتفتت ،يمسك بسعادته كمن يمسك بقبضة رمل، كلما حاول الإمساك بها أكثر، زلت بين أصابعه.

..................................

كان تشيونغ مون يراقب ظهر تشيونغ ميونغ بصمت، وكأنما كان واقفًا على حافة هاوية، مشاعر مختلطة تتصارع في قلبه كعواصف متلاطمة.

بدا كل ما أخبره به تشيونغ ميونغ بالأمس شيئاً يفوق تصوره، بدت وكأنها تنبؤات قاتمة تتسلل إلى ذهنه، تعصف بكل يقين.

لكن ما كان مريعًا بحق هو إمكانية أن تصبح تلك الأفكار واقعية، ككابوس يقترب من اليقظة.
ترقب بعينيه المتعبتين، اللتين تعكسان الشك والقلق، صورة تشيونغ ميونغ بتعبير مرير، كما لو كان يشاهد شبحًا يتلاشى أمامه.

ترددت الكلمات التي همس بها بضعف في أذنيه، الصوت الذي انساب كأنه عطر مر.

"وحدي..."

"لما ليس ساهيونغ؟"

"لما ليس تشيونغ جين؟ لما بحق؟"

كانت تلك الكلمات تتسرب كصدى من أعماق جحيم داخلي، تتردد في أذنه كضجيج لا ينتهي، مما زاد من وطأة القلق الذي كان يعصف بروحه.

"لما كنت الشخص الوحيد الذي عاد؟"

كانت هذه العبارة تتكرر في ذهن تشيونغ مون، كالسكاكين التي تغرز عميقًا في قلبه، تُقطع شرايين الأمل وتتركه ينزف شعورًا بالعجز والضعف.

كان يتذكر كيف كان تشيونغ ميونغ دائمًا قويًا، كيف كان يواجه الصعوبات بابتسامة، لكن الآن، يبدو أنه قد تآكل تحت وطأة هذا العبء.

"ما زال الطريق طويلاً..."

همس تشيونغ مون بهذه الكلمات بهدوء، كأنه يحاول أن يخفف من وطأة الواقع.

كان يعلم أن الطريق الذي يجب أن يسلكه تشيونغ ميونغ لإدراك الحقيقة لا يزال طويلاً، وأن الفهم لا يأتي بسهولة.

لا يمكن للإنسان، لا، لا يمكن لتشيونغ ميونغ أن يتغير لهذه الدرجة بسبب حلم، لكن وعلى الرغم من ذلك كان الخوف يتسلل إلى قلبه كالماء في ثغرات الصخور.

ألقى تشيونغ مون نظرة أخيرة على صورة تشيونغ ميونغ التي تلاشت من أمامه، وكأنها كانت وهماً يتلاشى في ضباب الذكريات، كأثر شبح يختفي في زوايا الماضي.

أغلق الباب خلفه برفق، كأنه يترك جزءًا من قلبه خلفه، ويأمل أن يكون الساجيل خاصته قويًا بما يكفي ليواجه ما هو قادم.

"أمل عندما يحين الوقت... فقط أن لا تتألم كثيراً."

ردد تلك الكلمات مراراً ،كدعاء لأخيه، بينما كان يشعر ببرودة الفراق تسري في عروقه، وكأنما يودع جزءًا من نفسه إلى الأبد.

............................

بسبب الصوت العالي لصراخ تشيونغ ميونغ وارتطام الضربات، تجمع تلاميذ الحافة الجنوبية في المكان، وكأنهم أسراب من النحل.

كانت أعينهم تتلألأ بالغضب والدهشة، بينما همساتهم تتداخل في الأجواء، مما أضاف لمسة من التوتر إلى المشهد.

تشيوونغ ميونغ، الذي كان يمسك بتانغ بو من ياقته، ألقى به أرضًا كما لو كان قطعة من القش.

بينما تدحرج تانغ بو على الأرض، سارع تشيونغ ميونغ بحمل الطفل الصغير بين يديه كما لو كان يحمل كيساً من الشعير.

"هاه؟"

ومن ثم قفز بخفة ، مُظهرًا رشاقته، ليهبط على رأس أحد التلاميذ كأنه نمر ينقض على فريسته.

"آه!"

صرخ التلميذ، بينما اهتزت الأرض تحت ثقل تشيونغ ميونغ، الذي لم يستطع كبح ضحكته الساخرة، وكأنما كان يستمتع بكل لحظة من الفوضى.

ثم، في حركة سريعة، وجه قبضته نحو آخر، مُحدثًا صوت صليل قوي، بينما كان الآخر يترنح، عينيه تتسعان في ذهول.

في تلك الأثناء، نهض تانغ بو، مُحاولًا استعادة توازنه، وبدأ باللحاق بتشيونغ ميونغ.

شعر بنبضات قلبه تتسارع، بينما كانت قدماه تنطلقان كالسهم، وكأن الأرض تحت قدميه تتراقص، تتمايل وتدور، وكأنها تشاركه في هذه اللعبة.

"انتظرني!"

صرخ تانغ بو، متجاوزًا مجموعة من التلاميذ الذين تجمدوا في أماكنهم، عيونهم تتسع في دهشة.

كانت تعابير وجهه مزيجًا من الجدية والخفة، وكأنه يحاول أن يُظهر أنه جزء من هذه الفوضى الجنونية.

تشيونغ ميونغ، الذي كان يركض في مقدمة المجموعة، كان يتحرك بخفة ورشاقة، يتلاعب بالتلاميذ كما لو كانوا قطع شطرنج.

قفز فوق أحدهم، مُحدثًا فوضى في صفوفهم، مما جعلهم يتصرفون بشكل غير منظم، وكأنهم يفتقدون إلى قائد.

"أين تظن أنك ذاهب؟"

صرخ أحد التلاميذ، لكن تشيونغ ميونغ وفجأة أظلم المكان في عينيه

"هاه؟ "

عندما أدرك ما حدث كان تشيونغ ميونغ وتانغ بو قد تجاوزاه، أخفض بصره ليرى جسده الملتصق بالحائط، حدث الأمر في لحظة لدرجة أنه لم يدرك ما حصل حتى

"كيف؟...."

تسربت الضحكات من تشيونغ ميونغ وتانغ بو اللذان كانا يستمتعان بهذه المسرحية الهزلية، ولاسيما تشيونغ ميونغ الذي عاث في المكان فساداً بقدر استطاعته قبل الذهاب.

تناثرت الأغراض في الطريق، مما جعلهم يضطرون للقفز فوقها، بينما كانت أقدامهم تتسابق في حلبة من الفوضى.

كان صوت الأحذية يضرب الأرض كالمطر، بينما كانت بعض الأغراض الصغيرة تتدحرج على الأرض، مما أضاف لمسة من الفوضى إلى المشهد.

"هيونغ تمهل!"

صرخ تانغ بو، وهو يحاول اللحاق بتشيونغ ميونغ الذي كان يبتعد عنه. كان يتنفس بسرعة، بينما كانت مشاعر القلق والحماسة تتداخل في قلبه.

في مشهد غير متوقع، توقفت مجموعة من التلاميذ في منتصف الطريق، مما جعل تشيونغ ميونغ يلتف بسرعة، ويعود نحو تانغ بو.

"هاه؟ هيونغ؟"

أمسك تشيونغ ميونغ بتانغ بو من ياقته، وكأنما كان يمسك بدمية، ثم ألقى به باتجاه التلاميذ تراجعوا بدهشة من الموقف.

تدحرج تانغ بو في الهواء ككرة مطاطية واتسعت عيناه في رعب.

"لااااااا"

بينما كان يتوجه نحوهم، كانت تعابير وجهه تمتزج بين الخوف والدهشة، وكأنما كان في لحظة بطيئة تسارعت نحو النهاية.

لكن التلاميذ سارعوا بالابتعاد عن المكان تاركين تانغ بو يرتطم بالأرض سقط على ركبتيه، مما جعله يبدو كأنه تمثال مُزيف يحاول التوازن.

تانغ بو الذي اشتعل غضبا وهو يشاهد التلاميذ الذين يسخرون منه، والموقف الهزلي الذي تعرض له، وضع يديه بأكمامه الواسعة.

"سأريكم أيها الأوغاد"

وبينما كان على وشك أن ينهال عليهم بضرباته،

"ما الذي تفعله أيها الأحمق لما لا تصرخ لهم بهويتك أيضاً؟"

هبطت يد تشيونغ ميونغ على رأسه كصاعقة أيقظته، ليسارع بكتم مشاعره والهرب بعيداً بمرارة.

وهكذا خرج الاثنان من طائفة الحافة الجنوبية بعد أن عاثا فيها الفساد من كل اتجاه، ونسائم الهواء تعصف بشعورهم، تحمل معها رائحة العشب الطازج، تزيد حماسهم لتخفق قلوبهم بصوت عال بينما تسربت من أفواههم ضحكات سعيدة

"هاه؟ هيونغ"

"ما الأمر؟"

"ما هذا هناك؟"

"هاه؟...هذا؟...هيهيهيهيهي"

تانغ بو الذي لاحظ الأشياء اللامعة المتناثرة في جسد تشيونغ ميونغ حدق بعيون فارغة

"ذلك الوغد في وسط تلك الفوضى أقام بسرقتهم؟؟؟؟"

"هيهيهيهي....يهههيهيهيهيهيهي"

"هههههههه"

"........"

"لا أصدق أنني أشاهد شيئاً كهذا"

"هذا...كما هو متوقع من تشيونغ ميونغ"

"سيجو..ليس بشراً"

تناوبت نظرات السيوف الست على هذا المنظر بين رهبة ونظرات فارغة وأخرى مستمتعة...

"هاهاهاههههههاهاها...يستحقون هذا كما هو متوقع من تشيونغ ميونغ"

"جوغول....بفت...لا يجب على الطاوي. بفت..الضحك على مصائب الآخرين..."

"ساسوك إنه أسلافك لذا ألا تعتقد أنك أسوء؟"

جوغول الذي تكلم وهو يحبس دموعه، ويكتم ضحكته حلق بعيدا طائراً بضربة رشيقة من بايك تشيون

............

كانت غرفة تشيونغ مون تمثل ملاذًا هادئًا في وسط الفوضى التي تعصف بالطائفة.

الأضواء الخافتة كانت تتسلل من النوافذ المغلقة، مبددة الظلال في كل زاوية، بينما كان هناك عبق الشاي الفاخر يملأ الأجواء، مزيج من رائحة الأوراق الطازجة والحرارة المنبعثة من إبريق الشاي.

كانت الجدران مغطاة بقطع فنية تعكس تاريخ الطائفة، مما أضفى شعورًا بالهيبة والوقار.

جلس أمام طاولة صغيرة في المنتصف، وهو يلتقط فنجان الشاي ليستنشق عبقه.

"هاه... ياله من جو مسالم"

لكن الهدوء الذي كان قد خيم على الغرفة سرعان ما انكسر عندما اندفع التلميذ إلى الداخل، كعاصفة تتدفق عبر الأبواب.

"زعيم الطائفة!"

صرخ التلميذ، صوته يتردد كالرعد، مما جعل تشيونغ مون يلتفت بسرعة، مفاجئًا.

كان قد أمسك بكوب الشاي، وأشعة الشمس تنعكس على سطحه، لكن المفاجأة جعلت الشاي يتدفق من فمه بقوة، كأنه ينفجر عنوة، ويتناثر على الطاولة كقطرات مطر في يوم عاصف.

"تبا! ألا يمكن أن تمر لحظة سلام بسبب هؤلاء الأوغاد؟"

تمتم وهو يمسح فمه بظهر يده، تعبّر تعابيره عن استياء عميق، بينما كانت عضلات وجهه مشدودة، وكأن الغضب يتراكم داخله مثل بركان على وشك الانفجار.

"ما الأمر؟"

سأل، وقد بدأت ملامح القلق تظهر على وجهه، وعيناه تتقدان بتساؤلات لا حصر لها.

كان يقف مشدودًا، كأنه يستعد لمواجهة عاصفة جديدة.

"ساهيونغ يتشاجر مع شيوخ الطوائف الأخرى!"

كانت الكلمات تنفجر من شفاه التلميذ، وكأنه يحمل خبرًا مدويًا. تحركت يده الملوثة بالقلق، تشير إلى الخارج، بينما كانت أنفاسه تتسارع.

"هاه؟"

تساءل، وقد اتسعت عينيه في ذهول، محاولًا استيعاب ما سمعه. كانت يده تهتز قليلاً، وكأنما كانت تعكس عدم تصديقه للموقف.

"وشيخ عائلة تانغ الذي كان مارًا بالجوار يرافقه!"

أضاف التلميذ، وعلامات الذعر تتسابق على وجهه، بينما نبرته كانت ترتجف وكأنها تحمل ثقل العالم.

"هاه؟؟؟"

صرخ تشيونغ مون، وقد ارتفع صوته كأنما كان يحاول إنقاذ ما تبقى من هدوء، شعور الفزع اجتاحه، وكأن موجة عاتية من البحر قد اجتاحت شواطئه الهادئة.

توجه نحو النافذة، حيث كانت الأصوات تتعالى في الخارج، مشاجرات وصراخات تتردد في الأفق، وكأنها موسيقى شجية تعزف على أوتار الغضب.

كانت عينيه تتسعان في محاولة لاستيعاب الفوضى التي كانت تندلع في الخارج، ويداه تتقلصان في قبضات مشدودة، وكأنما كان يحاول كبح مشاعر القلق والغضب.

"أيها الوغد المجنون ما الذي تفعله بحق الإله"

تمتم، وهو يراقب المشهد من النافذة، كان تشيونغ ميونغ يقف هناك يبعث بنية قاتلة قوية، وبجواره تانغ بو الذي لم يكن بحال أفضل وقف هناك، عابسًا، وكأنه يمثل تهديدًا مباشرًا.

"يجب أن أذهب!"
وبدأ تشيونغ مون بالتحرك بسرعة نحو الباب، خطواته سريعة، تعبر عن توتره وغضبه، بينما كانت مشاعر القلق تتصاعد في صدره، كأن قلبه يخفق بنغمة عاصفة.

.................

في قلب الظلام الدامس، حيث كانت المعالم غير واضحة، كانت الأجواء تنبض بالغموض.

الجدران كانت تتوارى عن الأنظار، وكأن المكان يخفي أسرارًا عميقة تتجاوز الزمن.

الهواء كان ثقيلًا، يعبق برائحة غريبة ، مما جعل كل نفس يبدو كأنه يحمل عبئًا من الماضي.

وفي وسط هذه الأجواء الغامضة، والسكون العميق الذي اجتاح المكان، دوت أصوات خطوات خافتة.

كانت الخطوات تتسارع شيئاً فشيئاً بينما تتدافع القدمان الصغيرتان بقلق، لمعت عيناه السوداوين الواسعتين لتعكس توتراً عميقاً، وهما تتجولان بين الظلال بحثاً عن شيء ما، شيء مخفي بعمق في المكان.

نظراته مشحونة بالخوف وهو يشتم المكان من حوله بحثاً عن الرائحة المألوفة

"كي كي كي"

توقف الدلق الصغير للحظة وهو يستمع لصمت المكان الذي يخنق أنفاسه، في هذا السكون كانت دقات قلبه التي تنبض بقوة هي الصوت الوحيد الذي استطاع سماعه، كما لو كانت تنبأه بخطر وشيك.

كان محاطًا بعباءة من الظلام، وكأن العالم الخارجي قد اختفى تمامًا. كانت الظلال تتحرك بلطف، وكأنها تتلاعب به، تخفي ما يبحث عنه.

وبعد برهة، استأنف حركته، وهو يتجنب الأركان المظلمة، وكأنما كان يتنقل في متاهة من الأسرار.

كل شيء من حوله يبدو كأنه يشير إلى شيء غير مرئي، شيء يترقب اللحظة المناسبة للظهور.

................

"هيهيهيهي....هيههيهيههي"

"أتجرؤ على الضحك أيها الوغد؟"

سقطت ضربة قوية على رأس تشيونغ ميونغ الذي كان يضحك بسعادة وهو يتذكر الفوضى التي تسبب بها، دوى صوت الضربة بأرجاء الغرفة.

رفع تشيونغ ميونغ رأسه ببطء، عرق يتجمع على جبينه، وهو يتحسس مكان الضربة، كان أمام عينيه شيطان بوجه أحمر وقرون حادة، وعيناه المشتعلتان تحدق بغضب

"ارفع يدك بشكل صحيح"

عند سماع هدير هذا الوحش ما كان من تشيونغ ميونغ إلا أن يسارع بابتلاع كلماته ورفع يديه، بسبب النظرات الحادة التي اخترقت جسده.

حدق به تشيونغ مون بعبوس وعيناه تتقدان من الغضب وكأنما كان بركانًا على وشك الانفجار. كانت يده مشدودة، وكأنما كان يخطط لإلقاء شيء ما.

"أتسرق؟؟؟؟ جانغام؟؟؟"

سأل تشيونغ مون، وعينيه تتقدان، كما لو كان سيخنق تشيونغ ميونغ بيده بأي لحظة.

"ألا تتواجد الكحول إلا في جانغام؟؟؟"

رد تشيونغ ميونغ، محاولاً إظهار براءته، بينما كان يلوح بيديه في حركة عفوية، كأنه يحاول إبعاد الاتهام عنه.

"لا ساهيونغ، لكن هؤلاء الأوغاد يستمتعون بمثل هذا الكحول الجيد بأنفسهم. هذا غير عادل!"

كانت نبرته متعالية، وذراعيه مفتوحتين كما لو كان يدافع عن حقه في الاستمتاع.

تشيونغ مون، الذي بدأ الغضب يتصاعد في صوته، جلب يده إلى صدره، وكأنما كان يحاول كبح جماح مشاعره.

"إذا كان الأمر كذلك، لما لم تعد فقط لما لما... شوهت قاعة الأسلاف خاصتهم؟ ألم تكتف بتشويه قاعة أسلاف جبل هوا؟"

سأل، وقد بدأت عضلات وجهه تتوتر.

"، لكنني لم أحطمهم!"

أجاب تشيونغ ميونغ، محاولًا التملص من اللوم، وكأنما كان يتجنب سهمًا يطلق نحوه.

"نعم أحسنت كم هذا رائع"

أجاب تشيونغ مون وهو يصر على أسنانه كابحاً النار المتأججة بداخله

"هاهاها أرأيت؟"

بدأ الغضب يتصاعد في عيني تشيونغ مون، بينما كان يستمع لحجج تشيونغ ميونغ الواهية.

نظر حوله ليلتقط شيئًا، لكن الغرفة كانت خالية من أي شيء مناسب.

في تلك اللحظة، سارع تشيونغ ميونغ بإعادة حجر الحبر الذي تم إلقاؤه باتجاهه سابقًا إلى يدي تشيونغ مون، وكأنه يقدم له سلاحًا في معركة غير متكافئة.

عاد تشيونغ ميونغ لمكانه، جالسًا رافعًا يديه بأدب، وكأنه يقدم اعتذارًا غير مُعلن.

كانت عينيه تتلألأان بخفة، لكن جسده كان مشدودًا كأنما في حالة تأهب.

تشيونغ مون، الذي شهد هذا المشهد العبثي، كان عاجزًا عن الكلام. بدأت روحه تتسلل من فمه، بينما سقط على الكرسي داكن الوجه، يتمتم:

"السرقة... إهانة الأسلاف... الضرب... الخطف... طاوي... جبل هوا."

كانت الكلمات تتدفق كالنهر، بينما كان الغضب يغلي في داخله.

"لا ساهيونغ لم أفعل آخر واحدة"

"...."

"هاهاها، ساهيونغ، لا تقلق، لم يعلم أحد من أنا!"

قال تشيونغ ميونغ، محاولًا تخفيف التوتر، لكن تشيونغ مون لم يكن مستعدًا للضحك.

استعاد تشيونغ مون نشاطه من الغضب، وألقى بحجر الحبر باتجاه تشيونغ ميونغ، تحرك الأخير بمهارة، متجنبًا الحجر كما لو كان طبيعياً.

"تشيونغ جين السوط!"

صرخ تشيونغ مون، بينما حدق تشيونغ ميونغ بتشيونغ جين بنظرات تهديدية، يمرر يده على رقبته بابتسامة شيطانية.

"تجرأ على إحضاره و..."

"تشيونغ جين"

تشيونغ جين، الذي كان مترددًا بين الاثنين، اتخذ في النهاية قراره.

"آسف، زعيم الطائفة، إذا كنت ستعاقبني، سيكون أفضل من أن أتعرض للضرب على يد ساهيونغ."

قلب تشيونغ مون نظراته بين تلاميذ الطائفة الذين تجنبوها بدقة وشيخ عائلة تانغ الذي كان يقف محدقاً بسماء بوجه يدعي البراءة والجهل

"إنها شؤون جبل هوا لا يجب على عائلة تانغ التدخل"

كانت تلك اللحظة التي أدرك فيها تشيونغ مون أن القبضة كانت أقرب بكثير من السلطة.

وفي هذا المشهد العبثي حدق السيوف الست بتشيونغ مون بعيون متأثرة، بينما أخرج بايك تشيون دواء المعدة الذي يحمله معه دائماً، حيث شعر بلحظة من التعاطف مع تشيونغ مون، وحينها شعر بيد دافئة على كتفه

" ساغو؟ "

"ابتهج"

"شكرا"

بهذه الطريقة ترابط الأسلاف مع أحفادهم بعد مئة عام حيث كان قاطع الطريق على هيئة الطاوي تشيونغ ميونغ يجسد التحدي بين الأجيال. كان كل شيء يتجمع في تلك الزاوية، بينما تتداخل المشاعر.




تعليقات