الفصل السادس عشر

 إذا كان هنا فكيف لجبل هوا أن ينهار؟


عند رؤية اختناق بايك تشيون خفف تشيونغ ميونغ من حدته قليلاً، لكن وجهه كان لا يزال بارداً وقاسياً، كمالو أن ملامحه صبغت بلون الجليد.

كانت لحظة من الزمن، وسرعان ما راح يجول ببصره في فضاء المعركة، يتفحص كل زاوية وكأن عينيه تحفران في عمق الذاكرة، تجسيداً للألم الذي شهدته تلك الأرض.

جبل هوا المنهار
كعملاق مكسور، محاطاً بأنقاضه، وكأن كل حجر يحكي قصة خيانة الزمن. 

المباني المشتعلة
تنفث الدخان في الهواء، حاملةً معها رائحة الرماد والخيبة، وكأنها تعكس حظوظ من كانوا يظنون أنهم في مأمن. 

التلاميذ الذين يصارعون للوقوف
كانت أجسادهم تتمايل في خضم الصراع، كأوراق تتراقص في عاصفة، مُدافعين عن أحلامهم الممزقة، بينما كانت عيونهم تعكس الخوف واليأس في آن واحد.

استمر تشيونغ في تفحص ساحة المعركة، وكأنما كان يسعى لالتقاط كل لحظة من هذه الفوضى، كل صرخة، كل جرح، وكل دمعة.

كانت عينيه تتنقلان بين التفاصيل المؤلمة، تتتبعان خيوط المعاناة التي نسجت بأيدٍ مرتعشة، وكأنما كان يحاول أن يستوعب كل ما حدث، ليحفظه في ذاكرة لا تنسى.

لينتهي بصره إلى سبب كل هذه الفوضى

"الطائفة الشيطانية."

الصاعقة التي تزلزل الأرض من تحت قدميه، تجسيد الشر الذي اجتاح المكان، والذي كان سببًا لكل هذا الدمار.

نفض سيفه بهدوء، كأنه يمسح عن كفّه الغبار، ناثراً الدماء التي كانت تتلألأ في الهواء كنجوم مكسورة، تتلألأ بلون القرمزي القاتم.

في تلك اللحظة، كان سكون المكان يثقل الأجواء، وكأن كل شيء قد تجمد، وكأن الكون نفسه ينتظر لحظة الفصل، ليشهد ما سيحدث بعد ذلك.

بدأت ابتسامة ملتوية ترتسم على شفتيه، تبرز أسنانه البيضاء التي تكسوها الدماء، ولجت تلك الابتسامة إلى قلب السكون كخنجر، مما زاد من حدة التوتر في الأجواء.

عابد الشيطان الذي وقف أمامه شعر بجسده بأكمله يرتعش، وكأنما كانت الرعشات تتسلل إلى عظامه، تعكس الخوف الذي حاول جاهدًا إخفاءه.

لم يبدو الشخص أمامه كإنسان، بل ككائن قد تجرد من كل شعور بالضعف، وكأنه تجسيد للرعب نفسه.

كانوا هم، الذين تخلصوا من كل الخوف بداخلهم ووهبوا أرواحهم للشيطان السماوي، لكن الآن، كانت أطرافهم ترتجف خشية من الموت، وكأنهم أدركوا أنهم قد فتحوا أبواب جحيم لا يمكنهم إغلاقها.

"لن أقبل بهذا!"

صرخ في نفسه، بينما كان الغضب يتراكم في داخله كبركان على وشك الانفجار.

صر على أسنانه وعض شفتيه بقوة، فاندفعت الدماء منها، كأنما كان يحاول استرجاع بعض من قوته المفقودة.

تجمعت طاقة حمراء خبيثة على يديه، تتلألأ كما لو كانت تنبض بالحياة، وهو يحدق في وجه تشيونغ، وكأنما كان ينظر إلى الموت نفسه.

كان يعلم كم هو أحمق الفعل الذي سيرتكبه.

لقد كان تشيونغ ميونغ وحش ساحة المعركة، الذي زعزع صفوفهم واجتز رؤوس الآلاف منهم بلا رحمة.

كيف يمكن للمرء أن يبث الرعب في قلب شخص تخلى عن حياته بالفعل؟ كانت هذه فكرة جنونية، ولكن تشيونغ استطاع أن يفعل ذلك ببساطة وجوده، كأنه كان يملك مفتاح الفناء.

مجرد حضوره كان يعني الموت، وكأن الظلال التي تلازم خطواته كانت تحمل معها نذير الهلاك.

ومع ذلك، كيف له أن يتراجع؟ كان يواجه عاصفة من المشاعر المتضاربة، كمن يقف على حافة هاوية عميقة.

كل ما رآه في تلك اللحظة، كانت تأججه نحو المواجهة.

حتى هذه اللحظة، لم تُمحَ تلك الذكرى من أذهانهم.

لم يستطع هيم سو أن ينسى ذلك المشهد أبدًا، حيث كان الشيطان السماوي يجلس بفخر على جثث الكفرة القذرين، وقد قارب على الارتقاء، لكن ذلك الوغد الحقير،

قديس سيف زهرة البرقوق

كلب جبل هوا

قطع رأسه.

فعلها بشكل سخيف ومثير للشفقة، لكنه استطاع فعل ذلك، والآن ها هو يقف أمامه، كأنه يواجه كابوسًا حيًا.

هيم سو الذي كان متردداً لم يلاحظ ذلك، كان الشخص بجانبه، لم يكن مدركًا لهذه الحقيقة؛ كان مشغولًا برؤية جسد تشيونغ ميونغ المتداعي، مع ابتسامة خبيثة بين شفتيه، متناسياً أن التنين الجريح هو تنين.

انقض عابد الشيطان نحو تشيونغ ميونغ، عازمًا على إنهاء حياته. كانت عينيه تتأجج بالثقة، وهو يتخيل انتصاره الوشيك على من اعتقده ضعيفاً.

لكن،

وكأن الزمن قد توقف للحظة، تغير المشهد بشكل مفاجئ.

كان أمام عينيه جسد تشيونغ ميونغ بالتأكيد ولكن لما؟

كان ما رآه هو جسده مقطوع الرأس

تجمدت أفكاره، وأحس بصدمة عميقة، كانت عينيه تتسعان في رعب، تجوبان في الفضاء كمن يبحث عن مخرج من كابوس لا ينتهي.
حتى الشرايين لم تستوعب سرعة القطع، وكأنما كانت الحياة تتلاشى منه في جزء من الثانية.

وبعد لحظات، انفجرت الدماء، تتدفق من عنقه كالنهر الأحمر، ترسم خطوطًا قاتمة على الأرض.

كانت الدماء تتراقص في الهواء، بينما جحظت عيناه في ذهول، غير مصدق لموته، وكأن كل شيء قد حدث بسرعة تفوق الإدراك.

سقط رأسه على الأرض، وكأنه قد فقد جزءًا من ذاته، وبدأ يتدحرج ببطء. كانت تلك اللحظة تجسد النهاية، نهاية شخص كان يعتقد أنه لا يُقهر.

كانت عواطفه تتداخل، بين الرعب والإنكار، بينما كانت روحه تتلاشى تحت وطأة الصدمة.

في تلك الأثناء، كان الصمت يحيط بالمكان، صمت ثقيل يعكس الرعب الذي عاشه.

لم يكن هناك صوت سوى تدفق الدماء، وكأن العالم قد توقف ليشهد تلك النهاية المأساوية لعابد الشيطان، الذي ظن أنه سيكون الخالد، لكنه واجه مصيره في لحظة من الغفلة.

"قوي"

همس بايك تشيون في نفسه غير مصدق لما رآه، من لا يعلم أن تشيونغ ميونغ قوي؟.

ولكن المشهد الذي أمامه الآن يفوق الوصف، بدا كما لو أن هذه الكلمة لا تكفي للتعبير عنه

كانت لحظة واحدة، كل ما احتاجه
ارتفع سيف تشيونغ ميونغ كالسهم، ليقطع الهواء بصفير حاد، ومن ثم سقطت رأس عابد الشيطان في مشهد مرعب، كما لو كان الزمن قد توقف لدقيقة واحدة. كانت رأسه تتدحرج، بينما كانت عينيه تملأهما الرعب، تتوسل للحظة من الفهم قبل أن تلامس الأرض.

لم يكلف نفسه حتى عناء النظر نحوه، كما لو كان يقطع حشرة ليخرج من بين شفتيه صوت بارد كرياح الشمال، يتردد صداه كسكين تقطع صمت المكان

"تراجعوا"

"......"

"التحذير الأخير"

عند سماع هذا الصوت، تجمد الدم في عروق الطائفة الشيطانية.

الرعب الذي سيطر على أرواحهم أيقظ غريزة البقاء الميتة في قلوبهم، مما جعلهم يتراجعون في صمت.

لكن هيم سو، وعلى الرغم من ارتعاشه، كان يرفض هذا الإذلال.

شحذ قوته الشيطانية، تجمع كتلة حمراء قاتمة بين يديه، تمثل كل الخبث الذي يختزنه في أعماقه.

بدأ يتحرك بحذر باتجاه تشيونغ ميونغ، وكأنما كان يسعى للتمسك بأمل أخير، مستعدًا لمواجهة الموت أو الخسارة، لكن مصمماً على عدم التراجع.

كانت تلك اللحظات مليئة بالتوتر، حيث كان كل شيء يتجه نحو لحظة حاسمة.

بثبات وثقة، رفع تشيونغ ميونغ سيفه نحو السماء، متجاوزًا حدود المعركة، وتركزت طاقته الداخلية في جسده.

مع كل نبضة من قلبه، بدأت الطاقة تتدفق، وتحوّلت إلى بتلات أزهار البرقوق التي بدأت تتفتح حوله، كأنها تتراقص في مهب الريح.

تجمعت البتلات، واحدة تلو الأخرى، محيطةً بهيم سو، كعاصفة من الجمال.

كانت الألوان الوردية تتلألأ، تنشر سحرها في كل زاوية، وكأنها تحجب الأهوال التي تتسرب من حولهم. لكن خلف هذا الجمال الكاذب، كان هناك شيء أكثر دموية.

مع حركة حاسمة، انطلقت بتلات الأزهار، تتدافع نحو الخصم كالسيوف، متجاوزةً جمالها المذهل لتظهر شفراتها الحادة.

كانت كل بتلة تمثل فتكًا مميتًا، حيث انقضت على عابد الشيطان بسرعة لا تُصدق.

اللحظة التي بدأت فيها أزهار البرقوق تتفتح حول عابد الشيطان، كان المشهد أشبه بأحلام ساحرة.

بتلات وردية زاهية، تتراقص في الهواء وكأنها تتبع أنغام موسيقى غير مرئية.

كانت تتجمع حوله، تشكل جدارًا من الجمال، كأنها تحيط به في سجنٍ مدهش من الألوان.

كل بتلة كانت تتلألأ تحت أشعة الشمس، مما أضفى على المشهد سحرًا لا يُقاوم.

لكن وراء هذا الجمال، كان هناك سرٌ قاتل.

مع تقدم الوقت، بدأت تلك الأزهار تأخذ شكلًا أكثر خطورة.

كانت بتلاتها الناعمة تتجه نحو جسد عابد الشيطان، تقترب ببطء، وكأنها تهمس له بالوعود قبل أن تكشف عن نواياها الحقيقية.

في تلك اللحظة، تحول السجن الجميل إلى فخٍ مميت.

فجأة، انقلبت الأزهار، وكشفت عن شفراتها الحادة، التي كانت مخبأة تحت طبقات الجمال.

بتلات البرقوق، التي كانت تبدو وكأنها تحمي، بدأت تجرح جسده، وكأنها تتلاعب بألمٍ متعمد.

عندما اصطدمت البتلات بجسد عابد الشيطان، انطلقت صرخات الألم، بينما كانت الشفرات تخترق اللحم، تترك آثارًا من الدم تتناثر في الهواء.

تحولت تلك العاصفة الوردية إلى سلاحٍ مدمّر، حيث كانت تتدفق بلا رحمة، تهاجم من كل جانب، وكأنها تتلذذ بمعاناته.

كانت الأزهار تتفتح وتغلق، تتراقص في الهواء، مع كل حركة، كانت تنزلق على جلد عابد الشيطان، تاركةً وراءها جروحًا عميقة.

أصبح السجن الجميل كابوسًا، حيث كانت الشفرات الحادة تنغرس في جسده، تذوقه طعم الهلاك.

بينما كان يصرخ من الألم، كان الجمال يتلاشى ليحل محله مشهد من الفوضى والدم.

فجأة،

ومع حركة حاسمة من سيف تشيونغ ميونغ، تلاشت بتلات الأزهار ببطء، تاركةً خلفها مشهدًا مروعًا.

ما تبقى كان الجسد الممزق لعابد الشيطان، الذي كان يتخيل أنه يمكنه مواجهة تلك القوة.

لكن الجمال الذي أذهل الجميع كان يحمل في طياته فتكًا لا يرحم؛ كانت تقنية جبل هوا تجسد توازنًا مثيرًا بين الفن والقتال.

لم يكن هناك مفر من هذا السجن الجميل؛ كل بتلة كانت تحاصر خصمها، تجرح وتدمي، وتتركه في حالة من الفوضى.

كانت تقنية جبل هوا تجسد توازنًا قاتلًا بين الجمال والدم، حيث يتحول كل شيء إلى كابوس مروع.

( صراحة اخر مشهد استعنت بوسائل خارجية لظبطو 😄🤣)

.............................

هرب أفراد الطائفة الشيطانية من المكان، تاركين وراءهم صدى تهديداتهم المنهارة في الهواء، كأنها أصداء كابوس لم يكتمل.

كانت خطواتهم تتردد في الفضاء، تتلاشى بسرعة، بينما كانت أعينهم مليئة بالخوف والذهول.

وبينما تلاشى صدى الهروب، انهار التلاميذ الخائفون على الأرض، غير قادرين على استيعاب ما حدث.

كانت عيونهم تتأرجح بين الجثث والدماء، وكأنما كانوا يعيشون مشهدًا من أسوأ كوابيسهم.

بعضهم كان يصرخ في صمت، بينما آخرون كانوا يتطلعون إلى السماء، كأنهم يبحثون عن إجابة أو مخرج من هذا الجحيم.

الفوضى كانت تعم المكان، حيث كانت رائحة الدم والدخان تمزج بين الأجواء، تشكل لوحة قاتمة من المعاناة.

كانت الجثث متناثرة هنا وهناك، بينما كانت الأطراف تتدفق منها الدماء، كأنها أنهار حمراء تغذي الأرض المعذبة.

صوت الرياح كان يأتي كهمسات خافتة، يعبث بأوراق الشجر المحترقة، بينما كانت السيوف المهملة تتلألأ في ضوء الشمس، كأنها شواهد على معركة لم تحسم.

في تلك اللحظات، كانت الأصوات تتداخل، بين أنين الجرحى وصراخ الخوف، مما أضاف إلى شدة الفوضى.

تشيونغ ميونغ، الذي كان يقف وسط كل هذا، كان يجسد القوة والثبات.

ولكن حتى هو، في تلك اللحظة، شعر بثقل ما حدث. كان يعرف أن المعركة لم تنتهِ بعد، وأن الأثر النفسي لهذه الفوضى سيكون عميقًا.

كانت الأجواء مشحونة بالتوتر، وكأنها تحمل في طياتها صدى الأمل المكسور، وتأملات مؤلمة في مصير من تبقى.

خرج من فم تشيونغ ميونغ صوت بارد ومرير، ينساب في الأجواء كنسيم شتوي قارس. كان صوته حازمًا، يحمل في طياته قوة لا تُقهر، ولكنه أيضًا كان مليئًا بالندم والألم، كأنما يعكس الجراح العميقة في روحه.

"ما الذي تفعلونه الآن؟ لم ينتهِ الأمر بعد!"

صدى كلماته ارتفع في الهواء، كالصاعقة التي تفرق شمل السحاب.

في تلك اللحظة، اتجهت كل الأنظار نحوه، كأنما كانت عواطفهم تتجمع في بؤرة واحدة.

تلاميذ الطائفة، الذين كانوا قد غمرهم الخوف والذهول، وجدوا أنفسهم مشدودين إلى قوة قائدهم، الذي وقف كالصخرة وسط العاصفة.

كان جسده متعبًا، ولكن عينيه المتقدتين كانت تعكسان عزمًا لا يُقهر. تابع تشيونغ ميونغ كلامه، صوته يتردد كالرعد في الفضاء المليء بالفوضى

"إذا كنت لا تزال قادرًا على الحراك، فلتساعد الجرحى"

" ابدأوا بإخماد النيران! استخدموا كل ما تجدونه، سواء كانت مياه أو قطع قماش، لا تتركوا النيران تنتشر أكثر!"

كانت كلماته كالسحر، تعيد الوعي إلى التلاميذ الذين كانوا كالأشباح، متجمدين في أماكنهم، تائهين بين رائحة الدم والدخان.

ومع ارتفاع نبرة صوته، بدأت الحياة تعود إلى قلوبهم، وكأنما استشعروا في تلك اللحظة أن المعركة لم تنتهِ بعد، وأن هناك حاجة ملحة للعمل.

"تحركوا بسرعة!"

كانت تلك الكلمات بمثابة شرارة تجدد الحياة.

بدأت الحركة تعود، حيث اندفع البعض نحو الجرحى، يسعون لمساعدتهم، بينما بدأ الآخرون يهرعون نحو النيران، يحاولون إخمادها وكأنها شياطين تتراقص في ظلام الليل.

تجمع التلاميذ، كالنحل الذي يستجيب لدعوة الملكة، وبدأوا في العمل كفريق واحد.

كانت أصواتهم تتداخل، بين صرخات الألم وعبارات الأمل، حيث رفعوا المصابين من بين الأنقاض، يمسكون الأيادي الممدودة طلبًا للمساعدة.

الدماء كانت تنزف، والأرض كانت مشبعة بأحاسيس الفقد والندم، لكنهم لم يتوقفوا.

......................
في غرفة زعيم الطائفة بجبل هوا، الغرفة نفسها لكنها كانت الأجواء تعكس تناقضًا صارخًا.

بينما كانت الغرفة الأنيقة مرتبة بعناية، كانت غرفة هيون جونغ بسيطة إلى حد الكآبة، خاوية من أي أثاث يذكر.

الجدران عارية، تفتقر إلى الزخارف، وكأنها تعكس الحالة الراهنة لجبل هوا، الذي فقد روحه.

"هاه..."

خرجت تنهيدة عميقة من فم هيون جونغ، الذي أمسك بفنجان شاي البرقوق الدافئ بين يديه.

تسربت رائحة الشاي العطرة إلى أنفه بهدوء، وكأنها عناق لطيف يتغلل إلى روحه.

لكن، رغم كل ذلك، لم يكن الشاي كافيًا لتهدئة مشاعره المتخبطة.

"أكان جبل هوا هادئاً دائماً هكذا؟"

تسربت الكلمات كهمسات حزن، تتردد في أرجاء الغرفة، وهو يفكر في غياب الأطفال الذين كان جبل هوا يفيض بالحياة بوجودهم.

نهض ببطء، متجهاً نحو غرفة تشيونغ ميونغ.

كانت خطواته متثاقلة، وكأن كل خطوة تثقل قلبه، الذي كان يتخبط في دوامات من القلق والحنين.

أمسك بمقبض الباب البارد بتردد، وكأن لمسة المعدن تعيد له ذكريات مؤلمة.

بعد لحظة من الصمت، فتح الباب ببطء.

عندما دخل، بدأ هيون جونغ يقلب بصره في الغرفة الفارغة.

كان المكان خاليًا تمامًا، وبدت الجدران كأنها تحكي قصة الفراق.

اقترب بهدوء من السرير، ولاحظ بضع رباطات شعر خضراء ملقاة بجانبه، كأنها بقايا من حياة غائبة.

تساءل هيون جونغ عن السبب وراء اختيار قيام تشيونغ ميونغ الشخص الذي يربط شعره بشكل فوضوي وبلا مبالاة لهذه الرباطات بالذات، بدا كما لو كان يبحث عن الرباطات الخضراء بشكل خاص، كما لو أن لها معنى عميقًا في قلبه، رغم بساطتها.

هل كانت هذه الرباطات رمزًا لشيء أكبر، لشيء يؤلمه في صمت؟

أغمض عينيه، وتخيل وجه تشيونغ ميونغ، الذي يظهر في كل مرة بعيدًا عن أعين الآخرين، وهو يحدق بتلك الرباطات، لترتسم على وجهه ابتسامة مريرة.

أدرك هيون جونغ لأول مرة كيف يمكن أن تؤلم الابتسامة بقدر الدموع، وكيف يمكن للذكريات أن تلتف حول القلب كأشواك.

وضع الرباط الأخضر بين يديه، مبتسمًا بمرارة، وكأن تلك الرباطات تحمل ثقل الذكريات.

بالنسبة لتشيونغ ميونغ، كانت يوي سول هي الشوكة التي تنخز في قلبه في هذا الجبل، لكن بالنسبة لهيون جونغ، كان تشيونغ ميونغ هو تلك الشوكة التي لا تفارقه.

تساءل هيون جونغ في نفسه

لماذا يتمسك هذا الفتى الصغير بجبل هوا بهذه القوة؟ لقد تسلق الجبل الوعر بيديه الصغيرتين، متحديًا كل الصعوبات، وكأن الجبال نفسها كانت تستجيب لتحدياته.

كان غريبًا، عنيدًا، قاسيًا وأنانيًا، لكن مع ذلك، أمام جبل هوا، كان كيانه يتلاشى. الشخص الذي يعجز عن كبح جماح نفسه من أجل جبل هوا تجده صابراً محتملاً لكل شيء.

إذا كان جبل هوا هو جبل هوا، فهل من الضروري أن يكون تشيونغ ميونغ هو جبل هوا بنفسه؟

هل يجب على الفتى الصغير أن يتحمل كل الأعباء، بينما تتلاشى أحلامه تحت وطأة الواجبات الثقيلة؟

كانت هذه الأسئلة تتردد في ذهن هيون جونغ، بينما كانت الذكريات تتلاعب به، كأشباح الماضي التي ترفض المغادرة.

وبينما كان غارقا بأفكاره يتأمل في المكان لاحظ هيون جونغ شيئا غريبا في الغرفة...

................

"إذا عائلة تانغ ستنضم للتحالف؟"

"أجل"

"وقصر الوحش؟"

"أجل"

"لما؟"

"هاه؟"

عند السؤال المفاجئ وسع تانغ باك عينيه، كان جبل هوا هو الذي طلب التحالف ولكن زعيم الطائفة لا يعلم؟

"لا مهما بلغ جنونه هذا مستحيل"

حينها اتجهت أنظار الجميع في الغرفة نحو شخص واحد، سبب كل هذه الفوضى

"تشيونغ ميونغ؟"

عند النداء المفاجئ تشيونغ ميونغ الذي كان غارقا بأفكاره رفع رأسه وأجاب بسرعة

"نعم ساهيونغ"

كانت ابتسامته المشرقة تغطي وجهه بالكامل مما جعل تشيونغ مون يتردد بالكلام للحظة، لكن كان هناك شخص في هذه الغرفة لايبالي

"هيونغ هل جننت ألم تخبر زعيم الطائفة؟"

"...... "

في تلك اللحظة اتسعت ابتسامة تشيونغ ميونغ المشرقة بشدة وهو يحدق بتشيونغ مون بكل سعادة، لكن تشيونغ مون الذي استقبل نظراته لم يكن سعيدا البتة، كانت عيناه تتجولان بين تانغ بو الملتصق بالحائط ورب عائلة تانغ الجالس بكل هدوء وهو يشرب الشاي، في هذا الموقف العبثي لم يستطع تشيونغ مون إلا الابتسام بهدوء ومعاودة السؤال

"هل يمكنك أن تشرح لي؟"

"هاه؟ ألم أفعل؟"

اتسعت عيناه تشيونغ مون وهو يرى تشيونغ ميونغ الذي يميل رأسه كما لو كانت أول مرة يسمع بها بأمر كهذا، وعلى الرغم من ذلك كان خبيراً بالصبر، شد على قبضتيه وعاود السؤال بلطف

"لا أذكر أنك أخبرتني"

حينها أخفض تشيونغ ميونغ رأسه كما لو كان يفكر بعمق ومن ثم رفعه بحماس وهتف

"ساهيونغ ألم تقرأ رسالتي لقد أخبرتك كل شيء لم أتوقع هذا من ساهيونغ"

"رسالة؟"

"أجل"

"أي واحدة؟"

"ألم أرسل واحدة؟"

"هل تقصد هذه؟"

رفع تشيونغ مون ورقة بيضاء مجعدة بيده ، بدت مشاعر تشيونغ مون واضحة وبشدة من شكل الورقة المهترئ، لكن تشيونغ ميونغ غير مبال بما يفكر به أخيه أومأ برأسه بسعادة

"هاهاها ساهيونغ لم أعلم أنك قرأت رسالتي عدة مرات لقد تأثرت"

"......"

"هاهاهاها"

"أيها الوغد المجنووووووون"

"اااه ساهيونغ اهدئ لا يجب عليك أن تغضب ألا ترى أن شعرك الأبيض في تزايد هذه الأيام؟"

"هاه؟"

نظر تشيونغ مون إليه بأعين فارغة ومن ثم وضع يديه على رأسه عاجزاً عن الكلام، لكن ما كان في يديه خصلات بيضاء متساقطة

"اوه، يا الهي يبدو أن شعرك بدأ بالتساقط أيضاً"

"هاه؟"

"تسك تسك لكن لا تقلق ساهيونغ حتى لو أصبحت ذا رأس لامع كأوغاد شاولين ستظل ساهيونغ الخاص بي هاهاهاها"

"تشيونغ ميونغ أيفترض بي أن أكون سعيداً بذلك؟"

"هاهاهاهاهاها"

وبينما كان تشيونغ ميونغ يضحك بسعادة التفت تشيونغ مون للخلف نحو رف الكتب بهدوء

"هاه؟ ساهيونغ؟"

عند ملاحظة ذلك شحب وجه تشيونغ ميونغ وبدأ يتراجع للخلف بهدوء

"ساهيونغ لما لا تضع هذه جانباً ونتحدث بهدوء؟"

"بهدوء؟"

"أعني أنا لا أزال شيخاً بالطائفة لن تضربني أمامهم هكذا أليس كذلك؟

"إذا تعلم أنك شيخ؟"

"هاه؟"

"تعال إلى هنا أيها الوغد المجنون"

"لا ساهيونغ اهدأ"

"أهدأ ؟؟؟ أهدأ ؟؟"

"لا بحق من أين أخرجت هذه من الوغد الذي قام بإحضارها؟؟"

أمسك تشيونغ مون بالعصا التي كان قد خبئها مسبقا للاحتياط وبدأ بملاحقة تشيونغ ميونغ بها وعيناه تنفثان النيران، كانت معدته تتلوى وتنقلب بينما يتفادى تشيونغ ميونغ ضرباته بسلاسة ويتظاهر بأنه يتألم وفي وسط هذا المشهد العبثي كان تانغ بو وتانغ باك جالساً بهدوء يشربان الشاي

"أيها الرب أتريد واحدة؟ حلوى جبل هوا لذيذة"

"اوه دعني أجربها إذا"

"كيف وجدتها؟"

"إنها لذيذة حقاً"

"هاهاها ألم أخبرك؟"

"إذا"

"أجل أخبرني؟"

"هل تفضل العصا أم الخناجر؟"

"هاه؟"

شعر تانغ بو بقشعريرة باردة تسري بجسده وهو ينظر لتلك الابتسامة الجحيمية، بينما يلاحظ الوريد الأحمر البارز على جبين تانغ باك

"......"

"ألا يمكنني ألا أختار أي واحدة؟"

"هاهاها إذا تريد الاثنان كما هو متوقع من الشيخ الأكبر"

"......"

"......"

"العصا...رجاء"

.................

وقف السيوف الست بلا حراك، وكأنما الزمن قد تجمد في تلك اللحظة، كانت أعينهم زائغة، مملوءة بالدهشة والصدمة.

وكأنهم قد وُضعوا في حالة من التجميد، غير قادرين على استيعاب مشهد الفوضى الذي يجتاحهم.

الصور المروعة للجثث والدماء كانت تتراقص أمام أعينهم، وكأنها كوابيس حية، تصرخ في وجوههم وتذكرهم بأن الحياة والموت قد تداخلتا في لحظة واحدة.

عقولهم كانت محاصرة في دوامة من المشاعر المتضاربة، فبينما كانت قلوبهم تنبض بالخوف، كانت هناك شرارة من الشجاعة تحاول أن تتسلل عبر جدران ذهولهم.

تلك اللحظة كانت كفيلة بأن تشل حركتهم، لكن شيئًا ما في أعماقهم كان يصرخ من أجل الحركة، من أجل الفعل.

وفي تلك اللحظة، تركزت أنظارهم على تشيونغ ميونغ، الذي كان يقف وسط الفوضى، يشع بالقوة والثبات رغم جراحه الثخينة.

كانت الدماء تتدفق من الجروح التي تغطي جسده، ولكنها لم تكن تعكس الضعف؛ بل كانت تجسد إرادته القوية.

ورغم الذراع المفقودة، التي أصبحت ذكرى لجراح الماضي، كان تشيونغ ميونغ واقفًا كجبل، متجذرًا في الأرض.

كانت ملامحه تنطق بالعزيمة، وكأنه يحمل على عاتقه عبء كل الأرواح التي فقدت، وكل التلاميذ الذين سقطوا.

كان شعور الغضب يتصاعد في صدره، ليس فقط من أجل المعركة، بل من أجل كل أولئك الذين خذلهم الغدر.

تصاعد شعور الغضب في صدره، كان يشتعل كالنار التي تأكل في قلبه، مما جعله يشعر بأن كل لحظة من التردد قد تكون كافية لتفويت الفرصة للنجاة.

"ألن تتحركوا الآن؟"

صرخ، وصوته يتردد كالرعد في السكون المطبق حولهم، كلماته كانت كصاعقة كهربائية، تنفجر في صمتهم، فتقطع حبال الخوف التي كانت تقيّدهم.

تحولت نظراتهم من الارتباك إلى إدراك، وكأنما استشعروا أن الوقت لم يكن في صالحهم؛ فقد كان عليهم أن يتحركوا الآن، أن يتجاوزوا مشاعر الفزع والذهول التي أسرتهم.

غضب تشيونغ ميونغ الذي كان كشرارة تحرق السكون، دفعهم إلى التحرك وفي خضم الفوضى التي عمت المكان، انطلق صوت غاضب من بين التلاميذ.

"لما تركتهم يهربون؟"

صرخ جوغول، وكانت نبرته متوترة، تعكس الغضب الذي اشتعل في داخله كالنار.

توقف الجميع عن الحركة للحظة، وتوجهت الأنظار نحو جوغول، كما نظر تشيونغ ميونغ إليه ببرود،لكن توهجت عيناه كالعواصف التي تتجمع في الأفق.

كان جوغول غارقًا في شعورٍ خانق، شعر وكأنه فأر محاصر أمام وحش هائل.

لم تكن نظرات تشيونغ تحمل نية قتل، لكن حضوره الغامر، والدماء التي حولت زيه الأبيض إلى قرمزي قاتم، كأنها تعلن عن هالة من الموت حوله جعلته عاجزاً أمامه.

تراجع جوغول خطوة إلى الوراء، وكأنما كان يواجه عاصفة لا يمكنه مقاومتها.

كان قلبه ينبض بسرعة، وأطرافه ترتعش، بينما حاول السيطرة على مشاعره المتضاربة، يحرقه الغضب ويحصره الخوف في آن واحد.

ببطء، بدأ تشيونغ ميونغ بالسير نحوه، وكلما اقترب، كانت الرهبة والرعب تتصاعد في قلب جوغول كالنيران التي تلتهم كل شيء في طريقها، تجمد جسده في مكانه، كأن الأرض قد ابتلعته.

بدا تشيونغ ميونغ، الذي عرفه جيدًا، ضئيلًا مقارنة بما هو عليه الآن، فوجوده الآن كان كالكابوس الذي لا يمكن الهروب منه.

مشى بخطوات ثابتة، كل خطوة تترك أثرًا عميقًا في الأرض، وكأنما كان يخطو على قلوبهم.

ومع كل خطوة، كان جوغول يشعر بأن الأرض تتزلزل تحت قدميه، وكأن ثقل اللحظة يضغط على صدره.

"ساسوك ألا يجب أن نوقفه؟"

صاح يونغ جونغ لبايك تشيون بتوتر، عينيه تتنقلان بين تشيونغ وجوغول، مشدودًا بين الرغبة في التدخل والخوف من العواقب.

كانت يده ترتجف، وملامح وجهه تبرز علامات القلق، كأنه يتوقع عاصفة ستقلب كل شيء.

"نوقفه؟ من؟ نحن؟"

همس بايك تشيون، وكأن الكلمات تخرج بصعوبة من بين شفتيه، معبرة عن عجزه وتردده.

تشيونغ ميونغ الذي كان أمامهم الآن كان وحشاً بمعنى مختلف عن السابق.

اشتدت قبضته حول السيف وعلى الرغم من ذلك، لم يكن قادرًا على اتخاذ خطوة واحدة.

في اللحظة التي وصل فيها تشيونغ ميونغ أمام جوغول، توقفت أنفاس الأخير، وانخفض بصره، كأنه يتجنب مواجهة الحقيقة.

كان جسده يرتعش بالكامل، وكأن كل حواسه تصرخ له بالهروب، أغمض عينيه وشد قبضته على سيفه، لكن شيئًا فشيئًا بدأ هذا الشعور بالتلاشي، كأن عزيمته بدأت تعود إليه.

فتح جوغول عينيه ببطء، مدهوشًا، متسائلًا

"هاه؟"

كانت نظراته تحمل مزيجًا من الخوف والقلق، وكأن قلبه يتوسل له أن يتحلى بالشجاعة.

تجاوز تشيونغ ميونغ جوغول بخطوات بطيئة، كأنه يمشي في عالم آخر، حيث كانت الأجواء مشحونة بالتوتر.

مر عبر بايك تشيون، الذي كان يراقبه بعيون متسعة، ويونغ جونغ، الذي كان يتصبب عرقًا، ويوي سول، التي كانت تحمل في عينيها مزيجًا من القلق والإعجاب، وأخيرًا توقفت خطواته أمام هايون.

كان رأس هايون اللامع يتصبب عرقًا بارداً، بينما توقفت أنفاسه وقلبه ينبض بجنون.

على الرغم من النظرة الباردة التي ألقاها تشيونغ نحو جوغول، فإن نظرته نحو هايون محملة برغبة خالصة للقتل، وكأنه على استعداد لقطع رأسه في أي لحظة.

الجسارة التي كانت تميز هايون قد تلاشت، وحل محلها شعور بالضعف، كأن كل قوته قد سُحبت منه.

اتسعت عينا هايون المستديرتان برعب، تنتقلان بين ملامح تشيونغ القاسية وجسده المهيب.

عند تبادلهما النظرات، كانت قسوة تشيونغ تأخذ شكلًا ماديًا، وكأنها تشد هايون إلى الهاوية، تسحب منه كل شعور بالأمان.

شعر هاي يون وكأنه يقف أمام جرفٍ عميق، لا يعرف إن كان سيسقط فيه أم سيستطيع الهروب.

عادت إلى ذهن هايون ذكريات أول لقاء لهما، حيث شعر بالضعف في مواجهة قوة تشيونغ.

كانت تلك اللحظة تُعيد له الشعور بالعجز، ذلك الغضب غير المفهوم، الشعور القاتم الذي أحاط به، ولكن الآن، كان تشيونغ أكثر قوة، وأكثر رعبًا.

جسده مشحون بالطاقة، وعيناه تسطعان كالنجم الهادر ،ومن ثم خرج من تشيونغ ميونغ صوت بارد وقاس، يقطع صمت الفوضى

"لما يتواجد أحد أوغاد شاولين بجبل هوا؟"

كانت كلماته كالسيف المسلط، تهز أركان المكان.

في تلك اللحظة، كانت الأجواء مشحونة بالتوتر، وكأن كل شيء قد يتغير بنفخة هواء واحدة، لم تخرج كلمة واحدة من أفواههم، لا بل لم تستطع الخروج.

"......."

"ولما ترتدي زي جبل هوا؟"

"ه...ذ...ا"

كانت الكلمات تتعثر على لسان هايون، في حين أدرك أنه في مواجهة قوة لا يمكنه التعامل معها الخوف الذي يتسلل إلى أعماق روحه، مهددًا بإنهاء كل شيء في لحظة، جعله عاجزًا عن التفكير أو النطق أمامه، وكأن حبال الصوت قد انقطعت.

انبثقت ابتسامة ساخرة من فم تشيونغ ميونغ، تلك الابتسامة كانت أشد قسوة من وجهه البارد، كأنها خنجر غرز عميقًا في قلب هاي يون.

"أأرسلك ذلك الحمار الأصلع للتأكد من دمارنا؟"
ترددت كلماته كالرعد في الأجواء، مما جعل قشعريرة تسري في جسد هايون، وكأنها لمسة من الموت.

هايون، الذي يتنفس بصعوبة، شعر بأن قلبه يكاد يقفز من صدره، تسارعت نبضات قلبه وكأن كل دقة منه كانت تعلن عن قرب النهاية.

بدأ يتمتم بصوت مكتوم، كأنه يهمس لنفسه

"هذا ، أنا..."

لكن كلماته كانت تتلاشى في الهواء، كأنها لم تُقال، وكأن العالم من حوله قد ابتلعها.

في تلك اللحظة، شعر بشيء لزج على رقبته، كأن حرارة غريبة تسري عبرها.

أزاح بصره نحوها، ليكتشف سيف تشيونغ ميونغ يلمع وهو على وشك اختراق رقبته.

كانت نظرات تشيونغ تتألق بتهديد واضح، وكأنها رصاصة موجهة إلى قلبه.

تجمدت أنفاس هاي يون، وفجأة، أحس ببرودة قاتلة تسري في عروقه.

"ما الذي يفعله وغد شاولين هنا؟ أجبني!"

عاد تشيونغ ميونغ للسؤال بحزم، وكلماته كانت تحمل في طياتها مشاعر الغضب والاحتقار، كالسهم الذي يخترق القلب.

أحاط الصمت بالمكان، بينما كان الجميع يراقبون المشهد بتوتر. كانت الأجواء مشحونة، والشعور بالمصير المحتوم يتصاعد.

عادت الأنفاس تتسارع، والقلوب تضطرب، بينما كان تشيونغ يثبت حضوره القوي، كأنه يهيمن على كل شيء حوله.

كانت عينيه تتقدان بالشعلة القاتلة، والدماء التي تلطخ زيه تضفي عليه هالة من الرعب.

بدأ السيف في يديه يغرز بعمق أكثر، بينما يزداد التوتر في الأجواء. وقف هاي يون عاجزًا عن الحراك، وكأن كل حواسه قد شلت.

كما لو أن الزمن قد توقف، وكل ما حوله قد أصبح ضبابيًا، لا يستطيع رؤية سوى تشيونغ، الذي كان يمثل كل مخاوفه.

لا أحد كان يجرؤ على كسر ذلك الصمت المشحون بالتوتر. كانت عيونهم تتنقل بين وجه تشيونغ، الذي كان يعكس قسوة لا تُحتمل، وبين هايون، الذي كان يكافح بين الرغبة في الهروب والقلق من مصيره.

"هل رأسك الأصلع يجعل سمعك ضعيفا؟ ألن تتحدث؟"

بينما كان تشيونغ ميونغ يتحدث، كانت الهالة التي تحيط به تتزايد، وكأنها تتجسد في سحب من الطاقة القتالية.

تشعر الأجواء بالاختناق، وكأن كل نفس مؤجل، وكل لحظة تحمل في طياتها إمكانية الانفجار.

كان هايون يتراجع ببطء، يحاول أن يجد كلمات تعبر عن نفسه، لكن عجزه كان يصرخ في وجهه.

"أسا...عد.."

همس، ولكن صوته كان كصدًى يختفي في الفضاء المحيط.

ابتسم تشيونغ ابتسامة ساخرة، ولمح في عينيه لمسة من الاستهزاء.

"تساعدنا؟ وأنت ترتدي زي جبل هوا؟"

كان صوته يقطر سخرية، مما جعل جميع الحضور يشعرون وكأنهم تحت مجهر، يتعرضون لتفحص قاسٍ.

تجمدت أنفاس الجميع، وأحسوا ببرودة تسري في عروقهم.

كان تشيونغ يمثل قوة لا يمكنهم تصوّرها، وكأنهم يقفون أمام عاصفة لا يمكنهم مواجهتها.

"هل تظن أن هذه الكلمات تبرر وجودك هنا؟"

تابع تشيونغ، بينما كان السيف في يده يلمع تحت ضوء الشمس الخافت، وكأنه يتوق إلى الدم.

أحاط الصمت بالمكان مجددًا، بينما كانت الأنفاس تتقطع في صدور الجميع،كان الشغف في عيونهم مختلطًا بالخوف، وكأنهم يقفون أمام مصيرهم المحتوم.




تعليقات