الفصل الثامن عشر

 ستزهر كما لو كان الذهول كذباً


في عمق ساحة المعركة، حيث كانت الحياة تتصارع مع الموت في رقصتها الأخيرة، استقرت غيمة من الدخان الكثيف فوق الأرض، كأنها غطاء ثقيل يثقل الأجواء.

كانت الشمس تتسلل بخجل من بين السحب الداكنة، وكأنها تخشى أن تشهد ما حدث.

الأرض، التي كانت يوماً تحتضن خطوات المحاربين، غدت بحيرة من الدماء، تسرّبت إلى كل شقوقها، وكأنها تسعى لتروي ظمأ الموت.

أشلاء الجثث، مبعثرة بلا تمييز، كأنها قطع شطرنج مهجورة على لوحة معركة غارقة في السواد، كل منها يروي حكايات من الألم والفقد.

الأذرع المقطوعة، والأرجل المكسورة، تشهد على صراع حياة لم يُكتب لها الاستمرار.

رائحة العفن، التي بدأت تتسلل من بين الأجساد، غطت المكان كستار ثقيل، تجعل من الصعب التنفس.

المكان بأسره، كان محاطاً بالصمت القاتل، بينما كانت الذكريات تتلاشى، تتسرب من بين الأصابع كالرمل.

رائحة الدم، الحادة والمقززة، امتزجت بعطر الموت الذي يلوح في الأفق، وكأن الحياة قد انقطعت عن هذه الرقعة الملعونة.

ومضات من الذكريات، كانت تتراقص في العقول، تتذكر ضحكات الأصدقاء، ووعود النصر، كل ذلك محاصر الآن في جحيم الواقع.

في هذا المكان لم يعد هناك منتصر أو مهزوم، بل مجرد بقايا لرجال كانوا ذات يوم يحلمون بالحياة.

الأشجار المحيطة، التي شهدت هذا العنف، وقفت عارية، وكأنها فقدت القدرة على الإحساس، تراقب الصمت الثقيل الذي حل بعد العاصفة.

السيوف، التي كانت تدور في الهواء كرقصة الموت، استقرت الآن مكسورة، مطرقة على الأرض، كأنها تعلن عجزها عن حسم المعركة.

تلك الساحة، التي كانت تمثل الشجاعة والفخر، تحولت إلى قبر جماعي، مليء بالأحلام المكسورة والمآسي التي لا تنتهي.

هنا، حيث اختلطت الدماء بالتراب، لم يُترك شيء سوى صدى الحرب، الذي يصرخ في عمق الفضاء، مدفوعاً بالأسئلة التي لا إجابة لها.

في وسط تلك الساحة، حيث تناثرت الجثث كأوراق شجر ذابلة، وقف رجل واحد، بدا وكأنه نبتة شاحبة في بستان من العذاب.

كان المنتصر في هذه الحرب، ولكن انتصاره لم يجلب له أي شعور بالسعادة أو الفخر.

على العكس، غزا قلبه ألم عميق، وكأن كل جثة تحت قدميه كانت تروي قصة من الفقد والندم.

ذراعه المقطوعة، التي كانت تحمل سيفه ذات يوم، كانت ترفرف في الهواء كعلم مهزوم، تعبر عن خيبة أمل لا تنتهي.

كان ينظر إلى الأجساد الممددة، ويشعر بأن كل نظرة تقطع قلبه إلى أشلاء.

لم يكن هناك شعور بعظمة الانتصار، بل كان فقط شعور بالهزيمة الداخلية.

غضبه كان مستعراً، يتدفق من أعماق روحه، كالنار التي تلتهم كل شيء في طريقها.

كان يرى الوجوه المشوهة، الملامح التي اختفت تحت وطأة الألم، وكلما حاول أن يتذكر أصحابها، كان الفشل يحيط به ككابوس لا ينتهي.

كان يتساءل في صمت

"هل كان هذا هو الثمن؟"

"هل يستحق كل هذا؟"

كان الألم ينهش قلبه، والندم يلتف حول عقله كعصابة قاتمة.

كل انتصار يُعلن عنه في الساحات أصبح الآن عبئاً ثقيلاً، كأنما انقضت عليه الكلمات الفارغة التي سمعها قبل الحرب، وتركته وحيداً في هذا البحر من الخراب.

واقف هناك، محاطاً بجثث رفاقه وأعدائه، لم يكن هناك مفر من شعور العزلة، كأن العالم بأسره قد اختفى، تاركاً إياه وحده مع آلامه.

كل شيء حوله كان أشبه بكابوس، مشهد لا يحتمل، بينما كان يتطلع إلى الأفق البعيد، حيث تلاشت أحلامه في ضباب الحزن.

غمره اليأس كبحر هائج، وسقط سيفه من يده، ليصبح رمزاً لفشله في إنقاذ من أحب.

و في تلك اللحظة، سمعت أذنه صوتاً خافتاً، أنفاس قريبة، كأنها نداء من أعماق الجحيم.

انتفض قلبه، وركض بكل ما أوتي من قوة، متجاوزاً كومة الجثث، عله يجد من تبقى من رفاقه.

كان كل زفرة من أنفاسه تحمل معه الأمل، بينما كان خفقان قلبه يتسارع مع كل خطوة.

لكن تلك الأنفاس كانت مدفونة تحت أعباء الموت، ومشاعر الرعب والإحباط كانت تتداخل في صدره.

بدأ يكافح، بذراعه الوحيدة، يحاول انتشاله من تحت تلك الكومة المروعة.

كان يمزق اللحظات، وكأن الزمن قد توقف، بينما كان يده تتعثر بين الأجساد، تلامس الدماء وتكتشف الألم.

وعندما تمكن أخيراً من رفع جزء من الجثث، ظهرت أمامه ملامح أخيه، مشوهة ومصابة بشدة، لكن عينيه ما زالت تتلألأ بالحياة، تنبض بآلام لم تُروَ بعد.

كان جسده مليئاً بالجراح، والدماء تغطي ملامحه، لكن أنفاسه الخافتة كانت تخترق هذا السكون الموحش، كصدى من عالم آخر.

حاول الرجل أن يسحب أخاه، لكن ذراعه الوحيدة لم تكن كافية، وكأن قوة الحرب قد قيدته، مانعة إياه من إنقاذ من يحب.

تدفق الألم في قلبه، وعجزه كان أشبه بكابوس، حيث كان عليه أن يشهد معاناة أخيه دون أن يستطيع إنقاذه.

كانت الكومة التي تفصل بينهما تمثل كل شيء الحرب، الفقد، والعجز.

الحرب التي قد أخذت كل شيء، حتى القدرة على الفعل.

وفي خضم عذابه العميق، حيث كانت الأوجاع تتداخل مع ظلام الحزن، رن صوت مألوف في أذنه.

"ساهيونغ!"

كان الصوت يتردد كنداء من بعيد، كأشعة ضوء تتسلل إلى أعماق الكابوس.

التفت تشيونغ ميونغ، ليواجه أحد تلاميذ جبل هوا، الذي كان يكافح للوقوف وسط الفوضى.

عندما رأى تشيونغ ميونغ، بدا وكأن الحياة عادت إلى عينيه لفترة قصيرة.

"سا...هي...نغ"

همس بها بصوت مكسور ومتقطع، يختلط فيه الألم والرجاء.

كانت الكلمات تتدفق ببطء، كأنها تتعثر في طريقها للخروج، بينما كان قلبه يتقطع على ملامح أخيه المشوهة.

لاحظ التلميذ ما يجري، وسرعان ما اندفع لمساعدته.

بيد مرتعشة، بدأ ينتشل الجسد المدفون تحت كومة الجثث، وكانت أنفاسه تتعالى مع كل حركة.

كانت الحياة تتسرب من جسد الأخ، لكن نبض قلبه لا يزال موجودًا، كخيط رفيع من الأمل في بحر من اليأس.

تشبث تشيونغ ميونغ بهذا اللمعان الضعيف من الأمل، بينما كان يساعد التلميذ في انتشال جسد أخيه.

كانت كل حركة كفاحًا ضد الموت، وكل لحظة كانت تحمل في طياتها مشاعر متناقضة من الخوف والرجاء.

وعندما تمكنا أخيرًا من سحب الجسد إلى الخارج، كشفوا عن ملامح الأخ، التي كانت مشوهة بالدماء والجراح، لكنه كان لا يزال حياً.

كانت أنفاسه تتسرب بصعوبة، كأن كل زفرة تحمل معها عبء الألم.

تشيونغ ميونغ انحنى فوقه، يتلمس نبضه، ويشعر بتلك الحياة الهشة التي ما زالت تتشبث بالبقاء.

في خضم تلك اللحظة المليئة بالألم، تسرب صوت خافت من فم أخيه، كأنه ينادي من أعماق جحيم.

اقترب تشيونغ ميونغ بسرعة، مائلًا نحو وجه أخيه، ليحاول التقاط كلماته المتقطعة. وعندما سمع ما قاله، توقف قلبه عن النبض للحظة:

"جب...ل ...هوا... أس...رع."

تجمدت مشاعره في تلك اللحظة، كأن الزمن قد توقف حوله. أدرك نية أخيه، تلك النية التي كانت تحمل في طياتها عبءًا ثقيلًا.

لذا، وعلى الرغم من كل شيء، كان على تشيونغ ميونغ أن يركض تاركاً روحه في ذلك المكان.

كان فكره مشوشًا، وهو يندفع نحو جبل هوا، كأن قواه قد تجددت، متجاوزًا كل الألم الذي يشعر به.

بينما كان يركض، كانت الصورة المروعة لساحة المعركة تلاحقه، كل خطوة كانت تندفع به نحو مصيره، نحو إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

أسرع نحو جبل هوا، وكلما زادت سرعته، زادت عزيمته.

كان هناك شعور بأن كل شيء يتوقف من أجله، وأنه لا يمكنه الاستسلام. كان يجب أن يصل، كان يجب أن ينقذ ما تبقى من عائلته وروحه، حتى لو كلفه ذلك كل ما تبقى له من قوة.

كان قلب تشيونغ ميونغ يتصارع بين الألم والفقد، كعاصفة داخل صدره.

كان عليه أن يترك أخيه، رغم أن أنفاسه الخافتة كانت تتدفق كصرخة استغاثة في أذنه.

تركه برعاية التلميذ، الذي كان يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يُبقي على حياة أخيه، لكن ذلك لم يكن سهلاً عليه.

كان يشعر وكأن كل جزء من كيانه يتمزق.

مع كل خطوة كان يخطوها، كانت المخاوف تتسلل إلى ذهنه.

ماذا سيجد عند الوصول إلى جبل هوا؟

هل سيكون المكان مليئاً بالجثث، أطفال الطائفة الصغار؟

كانت صورهم تتراقص أمام عينيه، ضحكاتهم البريئة، لحظاتهم السعيدة، تجسد معاني الحياة التي أراد حمايتها.

اندفع بسرعة، متجاوزًا الألم الذي يجتاحه، حيث كانت الأشجار تتلاعب بأوراقها في مهب الريح، كأنها تحاول أن تحذره من الكارثة التي تنتظره.

كلما اقترب من جبل هوا، زادت مخاوفه.

كان يخشى أن يجد الصغار قد سقطوا، أو أن الطائفة تعرضت لمأساة لا تُحتمل.

كان الأمل يتلاشى في قلبه، بينما كانت الصور المروعة تتجسد، مشاهد من الألم والفوضى التي كان قد شهدها في ساحة المعركة.

كلما زادت سرعته، زادت أسئلته، وكلما كانت المسافة تقترب، كانت كوابيسه تنمو.

"كونوا بخير"

تمنى في صمت، بينما كان يمضي نحو المجهول، نحو مصيره الذي كان ينتظره في جبل هوا.

لهذا وبسبب كل ذلك في هذه اللحظة، عند سماع تلك الأصوات المقززة كان قلب تشيونغ ميونغ ينبض بشدة، كأنه يحاول الهروب من جسده.

كانت مشاعر الغضب تتصاعد كحمم بركانية، تحرق كل ما في طريقها.

كان يعرف أن ما يحيط به ليس مجرد مجموعة من الأشخاص، بل رموز للنفاق والخداع، وكان هذا الإدراك يثير في نفسه شعوراً عميقًا من الاشمئزاز.

عندما نظر إلى وجوههم، شعر كما لو أنهم ينظرون إليه من خلف قناع زائف، وكل ابتسامة كانت تخفي وراءها أنياب الغدر.

كانت عيونهم، التي كانت تتلألأ بالأمل الكاذب، تكشف عن كل ما هو فاسد في قلوبهم.

الاشمئزاز كان يعتصر معدته، وكأنما كل نفس يتنفسه يحمل معه رائحة الخداع.

كانت أطرافه ترتجف، ليست خوفًا، بل من الغضب الذي كان يتدفق في عروقه كالنار.

أحس بأن الدموع تكاد تنفجر من عينيه، لكن كبريائه كان يمنعه من إظهار تلك المشاعر.

كان يشعر وكأن كل شيء من حوله يتلاشى، وأنه محاصر في دوامة من الكراهية والحنق.

في أعماق قلبه، كانت هناك رغبة ملحة للدفاع عن جبل هوا، عن الطائفة، عن كل من فقدهم.

كان يشتعل بمرارة الفقد، وذكريات الألم التي عاشها، كل تلك اللحظات التي شهد فيها سقوط الأبرياء، بينما بقي هؤلاء اللعناء بعيدين.

(ادعو لاخواتنا بغزة بالنسبة لنا هاد مشهد من رواية بس هنن الواقع الي عايشينو)

..........................

حاول أحد أولئك الأوغاد من جانغام التقدم نحو البوابة، كان يبدو واثقًا من نفسه، كمن يخطو نحو النصر.

لكن فجأة، تجمد جسده في مكانه، كأنما قيدته قوة خفية.

اتسعت عيناه برعب، شعر بشيء غريب يقترب منه، وكأن الأجواء من حوله قد تغيرت بشكل غير متوقع.

فجأة، عاد وعيه ليجد حرارة غريبة على خده، كأنما لمست نارًا متقدة.

عندما أدرك أن الألم قد بدأ يتسلل إلى جسده، كان قد فات الأوان.

شعور الرعب اجتاحه كعاصفة، بينما كان يراقب الدماء تتسرب من جرحه، وتتحول ثياب القتال إلى كابوس مرعب.

التفت ببصره، ليكتشف أن سيفًا قد انطلق نحوه، وعلامات الصدمة كانت تملأ وجهه.

كانت الحركة سريعة لدرجة أنه لم يستوعب ما حدث، وكأن الزمن قد توقف للحظة.

"ماذا حدث؟"

كانت أفكاره تتلاطم كالأمواج، بينما كان يحاول استيعاب الموقف.

شعور بالخزي اجتاحه، كأنما كل ما بناه من ثقة قد تلاشى في لحظة، وتدفق الخوف في عروقه.

في تلك اللحظة صرخ أحد شيوخ بغضب، صوته يعلو فوق ضجيج الأجواء

"من يجرؤ على فعل ذلك؟"

كانت كلماته تتردد في الفضاء، تعكس إحساسه بالاستفزاز.

لكن صدى صوته لم يكن كافياً لإخفاء الخوف الذي بدأ يزحف في داخله.

حينها رن صوت بارد وساخر في أذنه، صوت تشيونغ ميونغ

"إنه أنا، ما الذي ستفعله إذا؟"

كانت كلماته تتدفق كبرودة الجليد، وكان واضحًا أن تشيونغ ميونغ لا يخفي استيائه.

الشيخ، الذي أدرك هوية الخصم، سكت للحظة، لم يكن الشخص أمامه مجرد عدو عابر؛ بل كان

*قديس سيف زهرة البرقوق*،

السيف الأقوى لجبل هوا،

الذي قطع رأس الشيطان السماوي.

أحس الشيخ بثقل تلك الحقيقة، وتلاشت في ذهنه كل أفكاره حول التحدي.

كيف يمكنه أن يتجرأ على الوقاحة مع شخص بهذا القدر من القوة؟ ولكن على الرغم من إدراكه لذلك، كان الكبرياء يسيطر عليه، ورفض أن يتقبل تلك الإهانة.

"هل هذا هو تصرف جبل هوا؟"

تابع الشيخ، محاولاً التسلح بسلاح الكلمات.

"لقد أتينا لمساعدتكم، لكن يبدو أن ما وجدناه هو مجرد تعجرف وتحدٍ!"

كانت كلماته تحاول أن تمسك بزمام الموقف، حتى في ظل الخوف الذي بدأ يتسلل إلى قلبه.

كان الموقف متوترًا، وكأن الهواء قد تجمد في تلك اللحظة.

في تلك اللحظة،

خرجت ضحكة كأنها موجة عاتية، تتردد في الأرجاء، تسحب معها كل ذرة من الهواء.

كانت عميقة، قاسية، وكأنما كانت تعبر عن سخرية مريرة من الموقف برمته.

لم يكن هناك شيء من الفرح في تلك الضحكة؛ بل كانت تحمل في طياتها كل مرارة المعاناة التي عاشها، كأنها تمزق حجب الصمت الذي خيم على المكان.

دوى صوت ضحك تشيونغ ميونغ في المكان كالرعد المفاجئ، كما لو أنها تأتي من أعماق الهاوية.

كانت تعابير وجهه تجسد مزيجًا من الجنون والألم. وعيناه تتلألآن بشعلة من الغضب، تتقدان كما لو كانتا تحملان نذر الانتقام.

اتسعت حدقتاه بشكل غير طبيعي، كأنهما تراقبان شيئًا قاسيًا خلف ستار من الظلام، بينما كانت زوايا فمه ترتفع في ابتسامة مشؤومة، تكشف عن أنيابه البيضاء اللامعة، التي برزت بشكل صارخ على وجهه المغطى بالدماء.

الدم الذي تدفق على خده، ينساب حاملاً معه ذكريات الفقد، بينما كانت ضحكته تتردد في الفضاء كصدى كابوس.

كانت عضلاته مشدودة، وكأنما كان يتحدى العالم من حوله، لتداخل مشاعر القوة والضعف في تعابير وجهه، مما جعله يبدو كوحش متجسد، يواجه خصومه بلا رحمة.

شعره الأسود الطويل كان يتدلى على كتفيه، يتراقص مع كل حركة من حركاته، كأنه سلك من الظلام يحيط به.

كانت خصلاته تتلألأ تحت ضوء الشمس، لكن تلك الإضاءة لم تستطع إخفاء الفوضى التي كانت تحيط به.

وملامحه مرسومة بالتوتر والغضب، بينما كانت تعبيراته الجسدية تنبض بالحياة، كأنه يرقص على حافة الجنون.

عندما كان يحرك يده، كانت الأصابع تتجه نحو خصومه، وكأنها تشير إليهم بوضوح، كما لو كانت تدعوهم إلى مواجهة حقيقية.

جسده مشدود، كل عضلة فيه تعبر عن الاستعداد للقتال، بينما كان يظل ثابتًا في مكانه، كالجبل الذي لا يزحزح.

في تلك اللحظة، كان شكله يبعث الرعب في قلوبهم، وكأنهم كانوا يواجهون كائنًا من عالم آخر، مزيجًا من القوة والشراسة.

بدأ شعور من الرعب يتسلل إلى نفوسهم.

كان وقع الصوت مثل خنجر يغرز في الصمت، وكأن كل من سمعها شعر بشيء ثقيل يتدلى في الهواء.

تجمدت تعابير الوجوه، وتحولت ألوانهم إلى شحوب.

لم يكن أحدهم قادرًا على تحديد ما إذا كان يجب عليهم الخوف من الضحكة أو الاستسلام أمام جنونها.

كالموجة التي تكتسح الشاطئ، تحمل معها كل ما هو غير متوقع، وتتركهم في حالة من الارتباك.

شيئًا فشيئًا، ومع مرور اللحظات، بدأت الضحكة التي سلبت الأنفاس وتسللت إلى أعماق المكان تهدأ.

كانت تلك الضحكة، التي بدت كعاصفة من الجنون، تضعف تدريجيًا، كأنما كانت تتلاشى أمام عواصف عواطفه المتضاربة.

تجمدت الضحكة في حلقه، لكن الألم الذي كان في قلبه لم يتلاشى.

كلما نظر إليهم، زادت نار الغضب في صدره، بينما كانت صور رفاقه الذين سقطوا تتراقص أمام عينيه. لم يكن هناك مجال للرحمة.

بينما كانت تتراجع، بدأت الصمت يسيطر على الأجواء، كأنما الزمن توقف لحظة.

كان تشيونغ ميونغ لا يزال واقفًا هناك، لكن تعابير وجهه بدأت تتغير، وكأن الغضب الذي كان يتقد في عينيه قد خمد قليلاً، ليحل محله شعور بالثقل والحنق.

أخذت أنفاسه تتباطأ، بينما كان يترقب الوجوه المنذهلة من حوله، تلك الوجوه التي كانت تعكس مزيجًا من الخوف والدهشة.

كانت ضحكته قد تركت أثرًا عميقًا في قلوبهم، ولكنها أيضًا تركت فيه شعورًا مؤلمًا بالوحدة، كأنه كان ينفصل عن العالم من حوله.

في تلك اللحظة، كانت مشاعر تشيونغ ميونغ تتلاطم كالأمواج العاتية. كان الغضب يتدفق في عروقه كحمم بركانية، يشتعل من عمق روحه، ليملأ صدره بشعور لا يُحتمل.

خرج من فم تشيونغ ميونغ صوت واضح، محمل بنبرة من الاستهزاء الصارخ

"مساعدة؟"

كانت الكلمة الأولى تتردد كصدى في الأرجاء، تحمل معها سخرية لا تخفى، وصوته عميقًا، مفعمًا بالاستنكار، وكأن الكلمات تتدفق من أعماق جراحه.

"أنتم؟"

تلك الكلمة الثانية كانت أكثر حدة، كأنها طعنة مباشرة، تزرع الشك في قلوب الحضور.

في تلك اللحظة، كان صوته يختلط بالغضب والمرارة، بينما كانت نبرته تجسد كل ما كان يشعر به تجاه أولئك الذين تظاهروا بالاهتمام.

كان كل حرف ينطق به يضيف إلى حدة التوتر في المكان، وكأن الحضور كانوا يواجهون عاصفة من المشاعر المتناقضة.

خرجت الكلمات منه ببطء، كأنها تتطلب جهدًا كبيرًا للتعبير عن كل ما يخفيه. ومع ذلك، كانت تحمل قوة تفجر كل ما هو كامن، مما جعل الجميع يشعرون بأنهم في مواجهة حقيقة مرعبة لا يمكن تجاهلها.

انحنى تشيونغ ميونغ نحو الأرض، ليلتقط السيف المرمي هناك.

كانت حركته بطيئة، كأن الزمن قد تباطأ ليعكس ثقل اللحظة.

عندما استقر يده على مقبض السيف، شعر بالبرودة التي تسري فيه، وكأنما كانت تعكس كل ما عاشه من معاناة.

بينما بدأ يسير ببطء تجاههم، ليترك السيف أثرًا على الأرض، كخيط من الدماء يتبع خطواته، يمتد من خلفه، وكأنه يحمل معه ذكريات الألم والانتقام.

تراقصت خصلات شعره الأسود حول وجهه، بينما كانت عينيه تتقدان بشعلة من الغضب.

كانت خطواته متأنية، لكن قوية، كمن يسير نحو مصيره المحتوم.

الجميع في المكان يراقبونه في صمت، وكأنهم يشعرون بالرهبة من تلك اللحظة المهيبة.

شق السيف الأرض بلطف، لكنه حمل في طياته قوة لا يمكن قهرها.

"هل تظنون أنني سأخدع بهذه الألاعيب؟"

قال تشيونغ ميونغ، وهو يواصل الضحك، كأنه يستهزئ بكل ما يمثلونه.

كانت كلماته تتدفق كالصقيع، تلامس قلوبهم وتترك أثرًا لا يُمحى.

طائفة جانغام التي شاهدت هذا المشهد اجتاحتهم مشاعر متناقضة، وكأنهم جميعًا مُجبرون على مواجهة ما حدث.

أول ما شعروه كان الرعب، يتسرب إلى قلوبهم كخنجر مغروز.

كان وجود تشيونغ ميونغ، وهو يلتقط السيف، يبعث فيهم شعورًا بالقلق العميق، حملت تلك اللحظة معها نذير شؤم.

تلا ذلك شعور بالخزي، حيث بدأوا يتساءلون عن قدراتهم.

كيف يمكن أن يتحدوا شخصًا بهذا القدر من القوة والعزيمة؟ كلما اقترب منهم، كانت نظراتهم تتنقل بين بعضهم البعض، تعكس عدم اليقين والخوف من العواقب.

ثم اجتاحتهم مشاعر العجز، وكأنهم محاصرون في دوامة من الشكوك.

كان تشيونغ ميونغ يتمتع بقوة لا يمكن إنكارها، وكانت خطواته الثابتة تطمئنهم بأنهم لن ينجوا من عواقب أفعالهم.

بينما كان السيف يترك أثره على الأرض، كانت مشاعرهم تتعقد أكثر، و الصوت الذي يصدره كأنه يهمس لهم بأن النهاية تقترب.

بدأ تمتمة تشيونغ ميونغ الباردة تخترق صمتهم المثير للشفقة وتثير القشعريرة بقلوبهم.
"مساعدة، مساعدة"

نعم، ياله من هراء مثير للاشمئزاز."

كانت كلماته تتدفق كالسهم، تخترق زيف الموقف وتكشف عن حقيقة قاسية.

كل خطوة كان يتخذها كانت تحمل معها ثقلًا من الغضب والخيبة، وعندما وصل إلى الشيخ، الذي تجمدت الدماء في عروقه، وكأن كل ذرة من القوة التي كان يملكها قد تلاشت.

رفع تشيونغ ميونغ سيفه، ووضعه على رقبة الشيخ، وكانت تلك الحركة تحمل في طياتها تهديدًا واضحًا، تسلط الضوء على الفجوة بين القوة والضعف.

"لماذا لم تحركوا مؤخراتكم اللعينة قبل وصول الطائفة الشيطانية للمكان؟"

"........"

"اذهبوا بنفاقكم المقزز واللعين هذا بعيدًا عن هنا."

كانت كلماته هادئة، لكن البرودة فيها كانت أكثر فتكًا من أي صراخ.

أضفى صوته قوة لم تستطع الكلمات الأخرى مجاراتها، كما لو كان كل حرف يحمل ثقل تاريخ جبل هوا ومرارة الألم الذي عاناه.

ثم، في لحظة حاسمة، ارتفع صوته بقوة، ليملأ المكان، كالرعد الذي يفرقع في صمت مميت

"اليوم الذي سيتلقى به جبل هوا المساعدة من الحثالة أمثالكم سيكون اليوم الذي أموت فيه، ويندثر جبل هوا تحت الرماد."

كانت كلماته تتردد في الهواء، كأنها إعلان عن نهاية مرحلة وبداية أخرى، حيث أدرك الجميع أنهم أمام إرادة لا تُقهر.

رد الشيخ، بينما كان الخوف يغزو ملامحه

"أهذا موقف جبل هوا؟"

لكن تشيونغ ميونغ كان أكثر برودًا في ردّه، مما زاد من قلق الشيخ.

"جرب ذلك."

حمل صوته تهديداً واضحاً، بينما يرسم خطًا على الأرض بحد سيفه، كأنه يحدد حدودًا لا يمكن تجاوزها.

"اخطو خطوة واحدة، وسترى ما سيحصل."

كانت تلك الكلمات تتدفق كالسيف، حادة وقاطعة.

شعر الشيخ بضغط الغضب والخوف يتداخلان في داخله، فتجمعت المشاعر في قبضتيه، وكأنما كان يحاول كبح جماح ما يعتمل داخله.

لكنه في النهاية اختار الانصراف، وهو يترك خلفه خزيه وعاره، بينما همس بكلمات تحمل في طياتها العناد

"لن تتدخل جانغام بشؤون جبل هوا بعد الآن، ولكن لن ننسى هذه الإهانة أبداً."

"لا أعلم حقاً بشأن ذلك هل لديكم شيء لتذكره غير الإهانة؟"

رد عليه تشيونغ ميونغ بابتسامة ساخرة جعلت معدته تلتوي من الغضب.

لكن لم يكن لديهم أي خيار آخر، وكان عليهم أن يتقبلوا تلك الإهانة، حتى وإن كانت مريرة.

كانت مشاعرهم تتفاعل في صمت، بينما كان تشيونغ ميونغ يواصل تحديهم بابتسامته الساخرة.

تلاشت الثقة التي كانوا يحاولون إظهارها، وبدأوا يدركون أنهم قد وقعوا في فخ من صنع أيديهم.

كانت تلك اللحظة تجسد الصراع الداخلي، حيث كان الغضب يتصاعد، لكنهم كانوا محاصرين بين الخزي والضعف.

في النهاية رحل الشيخ وتلاميذه، تاركين خلفهم مشاعر متضاربة.


بينما كان الشيخ يهبط من جبل هوا، نظر للخلف بغضب، عينيه تتقدان بلهيب الاستياء.

كانت مشاعره تتلاطم كالأمواج، بين الغضب والخزي، وكأن كل خطوة تقترب من القاع تحمل معها عبء تلك المواجهة المهينة.

فجأة، صاح أحد التلاميذ، صوته يحمل نبرة من الاستنكار

"أسنسكت عن هذه الوقاحة أيها الشيخ؟"

كانت كلماته تعبر عن إحباطه وشعوره بالظلم، لكنه لم يكن يدرك أن الإساءات التي تعرضوا لها كانت أكثر عمقًا مما يتصور.

رد الشيخ عليه بهدوء، رغم الغضب الذي كان يتأجج في داخله

"اهدأ، لنرى لمتى سيستمر تبجحه هذا. لن يدوم طويلاً على هذه الحال."

كان صوته يحمل نبرة من الثقة والسخرية.

"إنها نهاية جبل هوا."

كانت كلماته تتردد في الهواء، تحمل معها شعورًا باليقين، لكن أيضًا بمرارة الهزيمة.

كان يعلم أن تلك النبرة من الثقة كانت مجرد قناع، وأن الحقيقة كانت أكثر تعقيدًا مما يظهر.

بينما كانت خطواتهم تتلاشى بعيدًا عن جبل هوا، كانت الكلمات التي قالها الشيخ تحمل في طياتها نذير شؤم.

كانت تنبئ بأن الصراع لم ينته بعد، وأن ما حدث لم يكن سوى بداية لعاصفة قادمة.

وهكذا، مرت عدة أيام على جبل هوا المنكسر وهو يلملم أشلائه المتناثرة.

.....................

بينما كان جبل هوا يتنفس من جديد بعد الفوضى، كان العمل على ترميم الدمار يسير ببطء ولكن بثبات.

كانت السيوف الستة وتلاميذهم منهمكين في رفع الأنقاض، وإعادة بناء ما تهدم، كأنهم يحاولون استعادة ذكرياتهم المفقودة.

كانت الأجواء مشحونة بالجهد، وصدى الأصوات يتردد بين الصخور المتناثرة، والأنفاس الثقيلة تملأ المكان.

تشيونغ ميونغ كان يراقب كل حركة، عينيه تتقدان بعزم لا يعرف الكلل.

كان يقف وسط الفوضى، يوجه التلاميذ، ويشرف على كل التفاصيل الصغيرة.

"هذا الحجر يجب أن يُرفع من هنا، لا تضعه هناك، بل في الزاوية!"

كانت كلماته تتردد كالأوامر العسكرية، تحمل في طياتها ثقل المسؤولية.

"لا أيها الأحمق ليس هكذا ألا تفهم الكلمات؟"

إذا كنت مصابًا، تلقَ العلاج أيها الوغد، بسرعة!"

كانت كلماته تتردد في الأرجاء، تحمل معها مزيجًا من القلق والغضب.

وعلى الرغم من ذلك كان هو نفسه بأسوء حال، لم يملك الوقت حتى لنفض دماء المعركة عن جسده.

لم يكن يتوقف لحظة، فقد كان جسده مغطى بالغبار، ووجهه شاحبًا من قلة النوم.

ولم يكن لديه وقت للراحة أو للتفكير في جراحه، فقد كانت أفكاره محصورة في واجبه تجاه أخيه وتجاه الطائفة.

كان يراقب بعناية، وفي كل مرة يراها تتباطأ، كان ينفجر بغضب

"أسرعوا! علينا الانتهاء قبل أن تغرب الشمس!"

وبينما كان يتذمر ويراقب كل شيء، كان تشيونغ ميونغ يحرص على الاطمئنان على كل فرد، لكنه في عمق قلبه كان يشعر بفراغ عميق.

بينما كان الآخرون يلتقطون أنفاسهم، كان هو يعمل بلا توقف، وكأن الوقت قد توقف بالنسبة له.

لم يكن يأكل شيئًا، بل كان يكتفي بجرعات من الماء البارد التي يجلبها له أحد التلاميذ بين الحين والآخر، لكنه كان يرفض حتى تلك الهدنة.

"لا أحتاج إلى ذلك، اذهب وواصل العمل!"

كانت كلماته تعبر عن قوة لا تُقهر، لكنها أيضًا كانت تخفي الألم الذي كان يعتصر قلبه.
وكلما حاول السيوف الست الاقتراب منه لمساعدته، كان يرسم على وجهه تعبيرًا مشوهًا بالانزعاج.

"ما الذي تفعلونه هنا؟ ألن تذهبوا للعمل؟"

كانت كلماته تتدفق كالصخور، تُظهر مدى توتره واستيائه.

لم يكن لديه وقت للتأمل في مشاعره، وكان يركز فقط على العمل، وكأن كل حجر يرفعه هو خطوة نحو استعادة ما فقده.

كان يشعر بالفراغ في معدته، لكن كلما زاد الألم، زاد عزيمته.

كان يوجه التلاميذ بحماس، وكأن كل توجيه له هو صدى لصراعه الشخصي.

في تلك الأوقات، كان ينفصل عن العالم الخارجي، يحبس نفسه في فقاعة من الجهد والتصميم.

لم يكن لديه خيار آخر، وكان يعلم أن كل جهد يبذله هو من أجل جبل هوا الذي لا يمكن أن يُهزم.

وفي أعماق قلبه، كان يعرف أن الأيام القادمة ستتطلب المزيد، لكنه كان مستعدًا لتحمل كل شيء، حتى لو كان ذلك يعني أن ينسى نفسه تمامًا.

السيوف الست التي نظرت إلى التشوه الذي أصاب تشيونغ ميونغ، كان ذلك الكم الفارغ الذي يهتز مع الرياح، بسبب فقدانه ليده، يؤلم قلوبهم.

كان رؤية هذا الفقدان يجسد كل ما كانوا يشعرون به، وكأنه يمثل جزءًا من هويتهم المفقودة.

كانت تلك اليد التي كانت دائمًا تحمل السيف، تدافع عنهم، وتحميهم، الآن مجرد ذكرى تسلط الضوء على عجزهم جميعًا.

...................

انتقل هيون جونغ إلى الصفحة التالية، وكأن قلبه كان ينبض بقوة كلما اقترب من الكلمات التي كتبها تشيونغ ميونغ، كأن كل حرف يحمل أثقال المعاناة.

**"ساهيونغ، لا تقلق من أنا؟"**

ترددت الكلمات في ذهنه، وكأنها صدى لصوت قديم، وكأن تشيونغ ميونغ كان يحاول أن يخفف عبءًا من على كاهله، لكنه في الواقع كان يغوص في أعماق الظلام.

**"سأعيد جبل هوا بالتأكيد."**

**"ستزهر من جديد، سأثبت أن ذبولها هو خرافة"**

هزت تلك العبارة هيون جونغ بشدة.

"إعادة جبل هوا؟ أكان يحمل هذا العبء وحده؟"

كانت الكلمات كالسلاسل التي تلتف حول روحه، تعبر عن تصميم لكنه أيضًا تنم عن شعور بالفشل.

**"إنهم تافهون وضعفاء للغاية، ولكنهم التلاميذ الثمينين لجبل هوا. سأعتني بهم جيداً... لذا راقبني جيداً."**

وهكذا صفحة تلو الأخرى كانت الكلمات المكتوبة تحمل مشاعر متضاربة، كان تشيونغ ميونغ يتحدث عنهم كأنهم جزء من نفسه، لكن تلك المشاعر كانت مكسوة بحزن عميق.

كان في بعضها تذمر وسخرية من ضعفهم، ولكن في طياتها أخفت شيئاً من الفخر لا سيما عند تبدل تعبيره من الكتاكيت إلى الأشبال.
وفي الصفحة التالية من جديد

**"ساهيونغ، إنه صعب."**

**"لا أستطيع احتمال غضبي عند رؤية أولئك الأوغاد."**

تجمدت أنفاس هيون جونغ.

كيف كانت تلك الكلمات تشتعل في قلبه، كالنار التي تحرق كل ما هو حولها.

*غضبٌ مكبوت، جرحٌ عميق.*

كان هناك شيء مأساوي في هذا الغضب، كأنه يُشعل النيران في روحه، لكنه في الوقت نفسه كان يشعر بالعجز عن الفعل.

**"لا تقلق."**

**"سأجعل جبل هوا بالتأكيد كما كان من قبل، ولن أدع موتك يذهب سدى."**

كأن تلك الكلمات كانت تعبيرًا عن عهود غير مُحَقَّقة، ووعود مُثقلة بالدموع.

"موتك؟"

تردد هذا الشعور في قلبه، كأنه كان يستشعر فقدانًا لا يمكن تعويضه.
كما لو كان تشيونغ ميونغ يحاول أن يثبت لنفسه أنه لا يزال موجودًا، رغم الفقدان الذي يحيط به.

**"لذا عندما ينتهي كل شيء إذن."**

**"صحيح، في ذلك الوقت..."**

**"أنا..."**

توقف قلب هيون جونغ، وكأن الكلمات كانت تنتظره لتكشف عن سرٍ مظلم.

أدرك فجأة أن تلك المشاعر التي اجتاحت كيانه كانت تعكس عمق المعاناة التي عاشها تشيونغ ميونغ.

كان هناك شعور دائم بالضياع، وكأن روحه كانت معلقة بين عالمين، بين الواقع الذي يعيشه والذكرى التي لا تفارقه.

كان جسده هنا، لكن روحه أسيرة في مكان آخر، حبيسة ذلك الجبل لا تفارقه.

كل كلمة كالسهم، تخترق قلبه، وتترك أثرًا عميقًا من الحزن والأسى.

قد كان يسير في جنازته التي أقيمت بغير قبر يحتويه.

.................

"كم يوماً مر على هذه الحال؟"

"ألم يمر سبع أيام حتى الآن؟"

"لا أكانت تسعاً؟"

تجمع السيوف الستة في زاوية الممر المظلم، وقلوبهم تتأرجح بين القلق والألم.

جوغول الذي كان يشتعل من الغيظ، كان يتنفس بسرعة، وهو غير قادر على كبح مشاعره، كانت يده مشدودة، وكأنها تعبر عن احتراق داخلي.

"ساهيونغ إلى متى سنراقب هكذا؟"

قال بصوت مرتفع، مفعمًا بالغضب، بينما كانت عينيه تتلألأان كالنار..

"إذا استمر على هذه الحال سينهار "

بالقرب منه، وقف بايك تشيون، هادئًا وحازمًا، لكن عينيه كانت تحملان ألمًا عميقًا كالسحب المظلمة. كان يشد قبضتيه، وأظافره تغرز بقوة في راحة يده، تاركة دماء حمراء تتسرب منها، كأنها تجسد الصراع الداخلي الذي كان يخوضه.

"جوغول، لا تنفعل هكذا، ليس بيدنا شيء لفعله الغضب لن يحل شيئًا."

كانت كلماته تحمل ثقل الحكمة، لكنها لم تكن كافية لتهدئة النيران في قلب جوغول الذي كان يتحرك بلا توقف، شفتاه مضغوطتان وكأنهما تعبران عن صراخ مكبوت.

"ألا يمكنه النوم حتى؟ "

تساءل بينما كانت ملامح وجهه تعكس اليأس. كانت عينيه تلمعان بالقلق، وكأنهما تحملان عبء العالم.

كان يعلم، تشيونغ ميونغ الآن كان المسؤول عن جبل هوا لم يكن بإمكانه الراحة ببساطة، لم يعلم حقاً ما مر به حقاً لكن حالته المزرية كانت كفيلة تغني عن ألف كلمة.

كان الوضع فوضوياً وغامضاً لم يستطيعوا أن يدركوا أي زمن هو هذا؟ ما الذي حل بجبل هوا؟ لما باستطاعة الجميع رؤيتهم؟

لكنهم كانوا عاجزين عن السؤال، كان عليهم الامتزاج بشكل طبيعي مع التلاميذ، وفي تلك اللحظة أضاف يونغ جونغ الذي كان صامتاً.

"إنه يتجول بين التلاميذ في الليل يتفقدهم، ومن ثم يذهب لتفقد بقية الأماكن وسير الأمور، وبعد ذلك يختفي بمكان ما"

يوي سول التي كانت تصغي، نظراتها متوجهة نحو الفراغ، كأنها تبحث عن شيء غير موجود.

عينيها، مع ذلك، كانتا تعكسان قلقًا عميقًا، لم تكن تميل إلى الكلام كثيرًا، رغم ذلك

"زعيم الطائفة..."

همست، لكن الكلمات كانت تتراجع في لحظة الشك.

ولكن فهم الجميع مقصدها، وكان الصمت يلفهم ككفن ثقيل.

كان تشيونغ ميونغ يقضي معظم وقته في غرفة أخيه تشيونغ مون، الفاقد الوعي، حيث كان يعتني به بلا كلل.

"لكن كيف يمكنه الاستمرار هكذا؟"

تساءل جوغول، مشيحًا بنظره نحو الأرض.

"إنه يرهق نفسه دون توقف، ولا يبدو أنه يهتم بصحته."

"يبدو أنه يحمّل نفسه عبءًا أكبر مما يحتمل"

قال بايك تشيون، عابسًا.

"هذا لا يجب أن يستمر"

رفع بايك تشيون رأسه عازماً على اقتحام الغرفة وإجبار تشيونغ ميونغ على الراحة بغض النظر عن العواقب، وفي تلك اللحظة وبينما كان على وشك التقدم شعر بقشعريرة غريبة تسري بجسده، وحرارة غريبة تحرق ظهره.

وكأنها تحذره من شيء مظلم قادم. لم يستطع بايك تشيون الالتفات للخلف، كان لديه شعور طفيف أنه إن فعل، فسيواجه شيئًا لا يمكنه تحمله.

............

وفي مكان آخر كان تشيونغ ميونغ والآخرون يستعدون للحرب القادمة وهو يأمل ألا يتحقق كابوسه غير مدرك أنه يعيش في الكابوس الحقيقي







تعليقات