الفصل العاشر

صراع داخلي




"ساهيونغ"

"......."

"ساهيونغ"

"........."

"ساهيونغ قطاع الطرق هؤلاء يملكون الكثير من المال"

"تشيونغ ميونغ؟ "

"هاهاهاها أنا ذاهب للبحث عن المزيد منهم"

"ميونغ آه ؟؟"

" لا تقلق ساهيونغ"

تشيونغ مون الذي رأى ابتسامة تشيونغ ميونغ الشيطانية وعيونه وهي تتحول لعملات معدنية سارع لإيقافه

" انتظر تشيوونغ ميونغ! "

ولكن يده الممتدة لم تلتقط إلا الفراغ

"تشيووووونغ ميووونغ!"

"عد إلى هنا"

"ااااااااااااااه"

فتح تشيونغ مون فتح عينيه لنظر في المكان من حوله، كان لا يزال في غرفته في جبل هوا على سريره، أشاح ببصره نحو النافذة حيث تسللت أشعة الشمس الذهبية ناشرة دفئها في المكان، وكان جبل هوا هادئاً ومسالماً
تشيونغ مون الذي أدرك أنه ما كان إلا حلماً لا كابوساً ناتجاً عن قلقه الشديد الذي كان سببه إرسال تشيونغ ميونغ للخارج

"آه آمل ألا يسبب مشكلة في مكان ما"

أخرج تشيونغ مون زفيراً عميقاً من فمه، ونهض من سريره، بدل ملابسه وجهز نفسه ومن ثم التقط سيفه واتجه خارجاً ليتفقد حال جبل هوا في الصباح الباكر

كان الجو هادئا ومسالما بينما اصطف التلاميذ الصغار في ساحة التدريب يلوحون بسيوفهم بنشاط

ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتي تشيونغ مون وهو يراقب بذور الطائفة الصغيرة وهي تنمو، ومن ثم تابع سيره

خرجت تنهدات عميقة من فمه وهو يفكر بالحلم الذي رآه

"هاه"

كان هو بنفسه الشخص الذي أرسله لإخضاع قطاع الطرق أمس إلا أنه من المستحيل لذلك الوغد العودة بهدوء هكذا

"لا يزال أفضل من بقاءه هنا"

"هاه؟ ....... هناك شيء غريب"

بعد تمالك نفسه استطاع تشيونغ مون أخيراً أن يلتفت للمكان حوله.

منذ خروجه من غرفته كانت العيون التي تحدق به غريبة جدا، وكثير من التلاميذ سرعان ما يبتعد من أمامه مسرعا وينهي حديثه بسرعة

'ما الذي يجري هنا؟'

"هاه زعيم الطائفة؟ "

استدار تشيونغ مون نحو مصدر الصوت خلفه

"هل هناك مشك.... بفت... لة.. هههههه... ما هذا على وجهك هاهاهاها"

انفجر تشيونغ جين ضاحكا عند رؤية وجه تشيونغ مون،

"ما خطب وجهي؟"

"لما لا... بفت... تتفقده... في... النهر.."

سارع تشيونغ مون باتجاه النهر لينظر إلى وجهه وإذ به يجد شاربا رفيعا وملتفا مرسوما على وجهه بالإضافة إلى حواجب غليظة تظهر تجعل من تعابيره غاضبا وفي تلك اللحظة خرج من فمه صراخ مدوي رن في أرجاء جبل هوا

" تشيووووووووونغ ميوووووووووونغ"

...............

وفي مكان آخر كان تشيونغ ميونغ يمشي سعيدا وهو يفكر بردة فعل أخيه

" هاهاهاها لابد أن ساهيونغ لاحظ ذلك الآن هاهاها أحيانا يكون بطيء الفهم بشكل مذهل هيهيهيهيهي"

وبينما هو يسير بسعادة ويضحك بمرح سمع صوتاً يرن بأذنيه ويناديه

"توقف عندك"

التفت تشيونغ ميونغ خلفه باحثاً عن مصدر الصوت إلا أنه لم يعثر على أحد، شوه وجهه وهو يتفقد المكان

"أي وغد هو هذا الآن ؟"

" في الأسفل"

أخفض تشيونغ ميونغ بصره ليجد طفلاً صغيراً لا تزال رائحة الحليب تفوح منه وهو يقف أمامه بحزم وبوجه صارم وفخور

" هاه؟ طفل؟"

"أنا لست طفلاً"

حدق تشيونغ ميونغ بالطفل أمامه بحدة قليلا ومن ثم خرجت زفرة خفيفة من فمه وأخفض جسده ليطابق مستوى عيني الطفل الصغير ونقر رأسه بلطف

" ماذا تكون إن لم تكن طفلا؟"

" أنا محارب فخور "

وضع الطفل يديه على خصره ورفع رأسه بفخر بينما انتفخ خداه الصغيران واحمرت وجنتاه ليحدق له تشيونغ ميونغ بعينان غير مباليتان

"أنت قديس السيف أليس كذلك؟"

نظر تشيونغ ميونغ للطفل بعيون مذهولة قليلا ومعجبة بشجاعته وثقته الفارغة

"هل تعرفني؟"

"أجل عمي أخبرني عنك"

"عمك؟ ما الذي قاله؟"

" أنك وغد مغرور لا تفارق زجاجة الكحول يديك "

"أوه وماذا قال عمك أيضا؟"

"قال أنك لا تشبه الطاوي بشيء وأن مكانك الطبيعي بين قطاع الطرق"

"هاهاهاهاها.....هاهاهاهاهاهاها......هاهاهاهاهاها لا أستطيع هاهاهاها"

"جوغول لا يجب عليك الضحك......بفت.... إنه قديس السيف .....بفت ههه"

التفت بايك تشيون الذي كان يكافح لكبح ضحكته لرؤية رفاقه كان جوغول مرتمياً على الأرض وهو يتخبط بيديه وقدميه بينما كان يونغ جونغ يدير وجهه وهو يضحك بينما كان جسد يوي سول يهتز بشدة كما ولم تكون سوسو وهاي يون بحال أفضل حيث كانا يكافحان بشدة لألا ينفجرا بالضحك بينما تحول وجه هاي يون الأبيض للون أحمر وفي النهاية انفجرت الضحكات من فمهم عاجزين عن كبحها

"هاهاهاهاهاهاها"

"إن سيجو حقا.....ههههه ....ضعيف....هههه.... تجاه....هههه... الأطفال"

وفي تلك الأثناء كان تشيونغ ميونغ يستمع للطفل بكل صبر وعلى وجهه ابتسامة لطيفة في حين أن عيناه كانتا تطلقان شررا والعروق الحمراء تبرز على جبينه بينما يشد قبضتيه ، ليربت على رأس الطفل الصغير برفق

"هاهاها ما اسم عمك أيها الصغير؟"

"عمي هو ......."

مسحت سوسو عيناها الدامعتان وخرج من فمها صوت غريب بسبب مقاومتها

"أتساءل ....أيضا من..... هذا الرجل ..المسكين ؟"

" تانغ هي أين أنت"

استدار الطفل الصغير على الصوت المفاجئ حيث يقف بعيدا رجل برداء أخضر أنيق وشعر مرتب وملامح قلقة وهو يبحث عنه

"عمي!"

ركض الطفل الصغير باتجاه عمه الذي التقطه بين ذراعيه وراح يوبخه

"إلى أين ذهبت ؟"

"عمي لقد وبخته لأجلك"

"هاه؟ من ؟"

"أجل كانت كلمات ابن أخيك الصغير قاسية حقاً"

"هاه؟"

تانغ بو الذي لاحظ هذا الصوت المألوف شحب وجهه وتراجعت خطواته بقلق

"هاهاهاها لم أتعرض لإهانة كهذه في حياتي"

"هذا لما لا نتحدث بهدوء؟ أعتقد أن هناك سوء فهم "

"سوء فهم؟ هاهاها "

"أجل هاهاها"

وشيئا فشيئا توقف تشيونغ ميونغ عن الضحك ورفع سيفه باتجاه تانغ بو مع ابتسامة خارجة من الجحيم على وجهه

"لقد كان سيد الظلام"

"إذا من هنا أتت هذه الجرأة"

هذا يفسر الأمر"

"كما هو متوقع"

"عائلة تانغ حقا شجاعة"

أشاحت سوسو بنظرها بعيداً على الرغم من كل شيء كان من الصعب مشاهدة السلف الموقر أسطورة عائلة تانغ وهو يتعرض للضرب كخرقة بالية، بينما صمت البقية كانت المشاعر في داخلهم متضاربة بين الإعجاب بشجاعته وبين الحزن على حاله

وهكذا قاما بحل سوء الفهم بينهما بكل مودة وهدوء

...............................

"هيونغ"

"ماذا؟"

"هل نحتاج حقاً لكل هذا؟"

"أجل"

"أفهم كل شيء ولكن لما تحتاج لهذه الأغطية؟"

حدق تشيونغ ميونغ بتانغ بو بوجه مشوه وتكلم بصوت مزعج

"هل تعلم ماهو شعور البرد؟ "

"هيونغ أنت..."

"ماذا؟"

"أنت أيضا إنسان"

بدأ تانغ بو يتحسس النتوء البارز على رأسه وهو عابس يلاحق تشيونغ ميونغ الذي ابتعد بهدوء بعض ضربه بقوة

"ألا يمكنك تقبل المزاح؟"

"ألا تستطيع الصمت؟"

"......."

.......................

"لما تتصرف هكذا بسبب كلمات طفل صغير بحق؟"

"هاه؟"

"لا شيء"

"ياللإزعاج"

"انتظر"

لم يبالي تشيونغ ميونغ لصوت تانغ بو الذي يناديه وتابع سيره تاركاً إياه خلفه مرمياً على الأرض وفي تلك اللحظة وحينها شعر بشيء يسحب ملابسه برفق

"هاه؟ ما هذا؟"

"شم ...شم"

التفت تشيونغ ميونغ ليجد تانغ هي يتمسك بحاشية ملابسه ويبتلع دموعه ووجهه محمر من أثر البكاء ، في تلك اللحظة شعر تشيونغ ميونغ بوخز خفيف بقلبه وشعر بقشعريرة غريبة تسري بجسده

"تبا نسيت أمره"

'ساهيونغ ربما أكون قد بالغت قليلا'

.................................................................

نظر تشيونغ ميونغ إلى وجه الطفل الصغير المنتفخ وهو يكافح الدموع التي تجمعت من عينيه، ومن ثم خرجت من فمه تنهيدة عميقة

"ما الأمر أيها الصغير؟"

"لا تتنمر على عمي"

"هاه؟"

"شرير"

"هاه؟"

"عمي سيصبح أقوى ويحطمك انتظر قريبا"

"اوه حقا ؟ حسنا سأنتظر ذلك بفارغ الصبر"

تشيونغ ميونغ الذي استمع لكلام الصبي حدق بتانغ بو بعينين تشعان شررا مع ابتسامة جحيمية ، وهو يصر على أسنانه

"سأترقب ذلك"

سارع تانغ بو بوضع يده على فم ابن أخيه وبدأ بالضحك بشكل محرج

"هاهاها هيونغ أنت تعلم أنه مجرد طفل صغير هاهاها"

حدق تشيونغ ميونغ بالطفل الصغير وابتسم لينقر رأسه برفق

"يبدو أنك أشجع بكثير من عمك هذا"

"لأنه لم يتعرض للضرب من قبلك أيها الوغد"

سرعان ما أدار تانغ بو وجهه عند رؤية تعبير تشيونغ ميونغ إلا أنه وعلى عكس ما اعتقده التف مبتعدا عنهما

"أين ستذهب أيها الأخ الطاوي ؟"

"لا شأن لك"

"ياله من وغد"

انصرف تشيونغ ميونغ مبتعدا عن المكان بينما كان تانغ بو يحدق به بنظرات معجبة

" يبدو أنني لا أزال ضعيفاً لأواجهه"

"عمي؟"

"لا شيء لنعد هي"

"هل أنت بخير؟"

"أجل"

حمل بو الطفل الصغير بيده واتجه مبتعدا بينما كانت عيناه تعودان بشكل غريزي للخلف في كثير من الأحيان

...........


"هيونغ!"

كان تشيونغ ميونغ يتفقد بوجه راض المؤن من أجل رحيلهم لقصر الجليد وفي تلك اللحظة سمع صوت تانغ بو وهو يركض باتجاهه حاملاً بيديه رسالة ملوحاً بها

"ما هذه؟"

"إنها رسالة من جبل هوا"

وفي لحظة خطف تشيونغ ميونغ الرسالة من يدي بو وبدأ بقراءتها
شيئاً فشيئاً بدأ قلبه ينبض بسرعة، تدافعت نبضاته كما لو كانت تسعى للهروب من صدره، كان كل حرف يزداد ثقلاً كما لو كان يحمل عبئاً من الذكريات المظلمة. تسللت مشاعر الخوف إلى أعماقه، مثل كائن غامض يزحف كالسحاب في سماء روحه.

اهتزت يديه كورق شجر بمهب الريح وبدت الكلمات كطلاسم لا معنى لها بعينيه، وكان كل حرف يطعن بقلبه ويجرحه، شعر بو بقلق شديد عند رؤية الدم يسيل من شفتي صديقه جرحه الداخلي قد تفجر ليعبر عن ألمه.

"هيونغ؟...هل أنت بخير؟"
بدا صوت بو بعيداً جداً عن ذهنه، كما لو كان في فضاء معزول، وعندما أدرك تشيونغ ميونغ ما تعنيه الكلمات، ارتجف جسده بشكل لا يمكن السيطرة عليه. كانت أفكار القلق تتجاذبه كالأمواج العاتية، تتقاذفه
بين "ماذا لو؟" و"ما الذي سأفعله؟"
ارتسمت على وجهه تعبيرات مختلطة من الرعب والشك، وكأن كل شيء حوله بدأ يختفي، تاركًا إياه في فراغ خانق.

".ل....لا"

"هيونغ؟"

في تلك اللحظة، كان تشيونغ ميونغ واقفًا كتمثال من الرخام، بدت ملامحه شاحبة كأن الحياة قد غادرت عينيه وكانت أنفاسه تتقطع، كأن كل هواء في رئتيه قد سرق منه. نظراته كانت تائهة، تبحث عن شيء ما في الفضاء، ولكنها لم تجد سوى الفراغ الذي يحيط به.

أغمض عينيه لحظة، محاولًا تجميع شتات أفكاره، لكن الصور المرعبة بدأت تتقافز أمامه:
لحظات من الخسارة،
أصوات من الماضي،
كان كل منها يدفعه نحو هاوية من القلق.
بدأ المكان من حوله يصبح مظلماً كما لو أن فراغاً عميقاً قد ابتلعه، اتسعت عيناه بحثاً عن بصيص من الأمل، لكن كل ما أحاط به هو ظلام حالك كما لو أن العالم قد انزلق إلى حافة الهاوية، ليخرج من فمه صوت يائس يعبر عن مزيج من الخوف والفقدان.

"علي ....العودة"

همس بها وكأن النطق بها كان بحد ذاته يعد عذابًا، كان صوته مبحوحًا، محملاً بكل مشاعر الخوف والقلق لم تكن تلك مجرد كلمات، إنما كانت صرخة استغاثة في وجه مصير مظلم.

"يجب أن أعود"

بدت كلماته كنبوءة حزينة طعنت بقلب تانغ بو الذي شعر بأنه يشاهد صديقه يتلاشى أمام عينيه، وكأن الرغبة في العودة إلى مكان ما كانت تعني شيئًا أكبر من مجرد رحيل، كانت تعني مواجهة ماضٍ مؤلم، وكانت تعني أن هناك شيء ما في المستقبل قد ينتظره، لكنه لم يكن يعرف ما هو وبصوت مليء بالقلق والخوف ناداه

"هيونغ!"

في خضم مشاعره المتلاطمة، فجأةً، شعور دافئ ومنتظم تسلل إلى جسده، كانت يد تانغ بو الثقيلة على كتفيه بمثابة حبل نجاة وسط عواصف عواطفه العنيفة. كأن لمسة الصديق كانت قادرة على اختراق جدار الخوف الذي كان قد أحاط به.

"هاه؟ بو؟"

عند رؤية وجه صديقه القلق توقف قلبه عن الهرولة، وبدأت أنفاسه تتوازن شيئًا فشيئًا. كأن وجود تانغ بو بجانبه أعاده إلى الواقع.

" هل أنت بخير؟"

عند سماع هذ الصوت المألوف المليء بالقلق والدعم، تلاشت همهماته، كما استعاد صوته، لكن هذه المرة كان أكثر ثباتًا.

"علي العودة لجبل هوا"

"فهمت لنذهب"

"لكن...."

"لا أعلم ما الأمر ولكن لابد من أنه مهم يمكننا الذهاب لقصر الجليد بأي وقت"

ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتي تشيونغ ميونغ واستعاد وجهه هدوءه، كان سماع صوت صديقه، ورؤيته كما الشعور بدفء يديه كافياً لجعله يستعيد عزمه

"لن أخسره هذه المرة"

وهكذا انطلق الاثنين باتجاه جبل هوا، بقلب عازم وخطوات سريعة

...............................................

"هيونغ!"

"......."

"هيونغ!"

"......"

"تبا ما الذي يفكر به بحق ؟"

كان تانغ بو يكافح بصعوبة محاولا مطابقة خطواته، وعلى الرغم من محاولته الحديث إليه إلا أنه بدا كما لو كان في مكان آخر

"رجاء ..... فلتكونوا بخير"

في تلك اللحظة كان كل ما عاشه من الألم يعود إليه كأمواج تكتسح روحه، الضربات التي تلقاها، كل صديق فقده، وكأن كل خيبة أمل كانت تطارده.
شعر وكأنه طير محاصر في قفص أحاطت به الأشباح، ركض تشيونغ ميونغ كالبرق للعودة إلى الطائفة، تخلى عن كل الأموال والكنوز التي جمعها خلفه وسارع للعودة، لم يستطع تانغ بو فهم ما يجري، بمجرد أن قرأ تلك الرسالة وهو على هذه الحال كما لو كان شخصاً آخر
" ما الذي كتب بتلك الرسالة بحق؟"

ركض دون تفكير، كما لو أن الأرض تحت قدميه قد تحولت إلى قنبلة موقوتة، كل خطوة كانت كفيلة بأن تجعله ينهار. كان يختصر المسافات، لكن الوقت بدا وكأنه يبطئ، كل لحظة تمر كانت كالعمر.

"أرجوك يا إلهي لا تدع ذاك الكابوس يصبح حقيقة"

نعم ذلك الكابوس اللعين الذي أرقه وهز عالمه كزلزال دوى بكل ما كان يؤمن به من قبل، كانت خطواته سريعة ومتثاقلة في آن، تلك السلاسل التي تقيد قلبه وتضغط على صدره فتخنقه، ظلال الماضي المرعبة التي أحاطت به لا لعلها المصير البائس في المستقبل؟ ، أيا كان فقد كصاعقة ترددت في صدره كما لو أنها أزيز سيف يقطع الهواء، رغم أنه مجرد حلم، إلا أن ذلك المشهد لم يفارق ذهنه ولو للحظة، ذلك الكابوس الحي ينبض ويتراقص أمام عينيه

مشهد إخوته المضرجين بالدماء
صرخاتهم التي رنت بإذنيه
عاد لذهنه مشهد إخوته المغطين بالدماء، كابوس حي ينبض يتراقص أمام عينيه،
الصرخات التي تسللت إلى عقله

"لما لم تنقذنا؟"

"ساهيونغ إذا ساء الأمر سأهرب وأختبئ حينها بالتأكيد ستجدني لاحقاً"

"تشيونغ جين مفقود"

"لما ؟...لما لا يمكنني الذهاب لإنقاذه؟...أنا...لن أقبل هذا القرار حتى لو مت"

"هيونغ عندما ينتهي كل شيء لنذهب في رحلة حول العالم ما رأيك"

"لا...سأنقذك...لا...تمت...بو!"

"هيونغ اعتن بعائلة تانغ لأجلي"

رائحة الدماء التي نبضت في أنفه، ذاك الشعور المقزز والغثيان الذي اجتاحه، رائحة الحديد التي اختلطت برائحة التراب الرطب
الجثث المترامية في كل مكان، كأوراق شجر ذابلة
تلك العيون الفارغة التي تحدق به
الأجساد المشوهة
قطع اللحم المتناثرة في الأرجاء
الحياة التي تلاشت من المكان تحت وطأة موت لا يرحم
ذاك الجبل الذي كان مورقا أخضر بالأمس بات اليوم أحمر قرمزيا، يفوح بالدماء
ذلك الشعور الحي، ذلك الكابوس الرهيب

"لن أدعه يحصل"

"سأحميهم بالتأكيد"

"ليس بعد لم يظهر بعد"

"رجاء"
................

"هيونغ انتظر"

"هيونغ!"

"ااااه توقف عن إزعاجي لما تستمر باللحاق بي بحق الإله؟ أليس لديك شيء أفضل لفعله؟"

"هاهاها إذا تبعت هيونغ أنا متأكد أنني سأغدو أكثر شهرة كما أن صحبة هيونغ ممتعة"

"ها؟ ما هذا الهراء؟ ولما أنا هيونغ خاصتك أيها الوغد؟"

"ها؟ أليس واضحا أنت وبكل تأكيد تبدو أكبر مني...لا لما ترفع قبضتك بسرعة ناضج ..... لقد كنت أعني أنك تبدو أكثر نضجا مني"

أخفض تشيونغ ميونغ يده بهدوء وبدت علامات الرضا على وجهه

"ها لما هو سريع الغضب هكذا؟ ولكنهه أبسط مما يبدو هههه"

تانغ بو الذي كان سعيداً وهو يتمتم مع نفسه لاحظ نظرات تشيونغ ميونغ الغريبة إليه كان يميل رأسه للجانب ويحدق به بتمعن

"هيونغ؟"

"لقد كنت أتسائل منذ فترة"

"أجل؟"

"من أنت؟"

"هاه؟... هاهاها أنت بالتأكيد تمزح"

"......"

"حقا؟"

في تلك اللحظة استطاع تانغ بو فهم ما كان يقصد بالشخصية الفريدة، على الرغم من أنه قام بضربه كالكلب قبل بضعة أيام، إلا أنه حدق به كما لو كانت المرة الأولى التي يراه بها

"لا أتذكر أنني رأيتك من قبل"

ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي تانغ بو وحدق به بعينان فارغتان، لتخرج من فمه تنهيدة عميقة تعبر عن يأسه العميق من هذا الوحش الشبيه بالإنسان

"تانغ بو من عائلة تانغ"

"تانغ؟"

أمال تشيونغ ميونغ رأسه محاولا التفكير بشدة وبعد وقت طويل وبينما كان الغضب يتصاعد في صدر تانغ به هتف بقوة

"اوه ذلك الوغد"

"ها؟"

"أن هو... الذي سبب لي سوء تفاهم مع ساهيونغ"

"......."

"اااه كلما أفكر بالأمر أصبح غاضباً لم يسبق لساهيونغ أن نظر لي بهذه الطريقة"

'لا أيها الوغد لطالما نظرت لك بهذه الطريقة وكنت أنت السبب يا عديم الضمير'

كان تانغ بو الذي يشاهد مشهد تحول وجه تشيونغ ميونغ واشتعاله غضباً بات عاجزا عن الكلام

'لما يغضب بحق من شيء قاله؟ وما الذي فعلته أنا؟ هل ما أفعله هو الصواب يا ترى؟'

وعلى الرغم من الشكوك التي راودته إلا أنه قرر المضي قدماً رغم ذلك

..........................

مع كل خطوة، كان تشيونغ ميونغ يستشعر أنفاس ذاك الكابوس تتسلل إليه، تهمس له بأن كل شيء سيتحقق، ومع ذلك، لم يكن هناك مجال للتردد. كان عليه أن يواصل، أن يواجه الجبل، وأن يعرف ما يخبئه له.

وشيئاً فشيئاً بدأ الجبل الشاهق والجرف الوعر بالظهور أمام عيني تشيونغ ميونغ وتانغ بو، الجبل الذي لطالما كان منزله، الأشجار التي تتمايل بسرور ناشرة بتلات البرقوق بالمكان، الطريق الذي يمشي به سعيداً وبيديه زجاجة كحول عائداً من مهماته وهو يتوق للساهيونغ خاصته، بدا الآن ككائن ميت بعينيه وكلما اقترب أكثر بدأت تلوح في ذهنه صورة الجبل المغطى بالدماء وجثث الساهيونغ والساجيل المنتشرة في الأرجاء
مشاعره كانت تتأجج بداخله، كالنار التي تشتعل في قلبه، مزيج من القلق والخوف والحنين. صعد الجبل بخطوات متثاقلة، كأن كل خطوة كانت تحمل معه ثقل ذكرياته المؤلمة.
صعد الجبل بخطوات ثقيلة حتى ظهرت أمامه بوابة جبل هوا كانت بسيطة ورائعة كما يليق بطائفة مرموقة،

عندما وصل إلى البوابة، شعر بنفحة من التاريخ، كانت بسيطة وراقية، تتماشى مع عظمة الطائفة التي يمثلها. على اللافتة، كُتبت كلمات "طائفة هواسان"، دخل بخطوات مترددة، وكأن كل شيء من حوله يتآمر عليه، كان الصمت يصرخ في المكان والساحات التي لطالما ملئت بصيحات التلاميذ وضحكاتهم كانت فارغة كما لو أنها فقدت روحها، كأرض تسكنها الأشباح

السكون العميق والهدوء العميق في المكان، ساحات التدريب التي لطالما كانت مملوءة بصيحات التلاميذ النشيطة، وهم يتدربون ويلوحون بسيوفهم، تبدو الآن كأنها تجسد صمت الموت. لم يستطع الشعور بشيء في هذا المكان، كأن الروح التي كانت تعيش فيه قد غادرت، كان كل شيء فارغًا وموحشًا، وكأن الزمن قد توقف.

'لا.....لا ...'

"ما الذي يحدث هنا ؟ أين ذهب الجميع؟"

حدق تانغ بو بذهول في المكان كان جبل هوا فارغا وهادئا بشكل غريب، بينما كان تشيونغ ميونغ واقفاً مذهولاً

غرق قلبه في بحر من الألم، وراح كالمجنون إلى الغرف والقاعات، يفتشها بلا فائدة. كلما اقترب من الذكريات، كان الألم يتزايد، وكأن كل ركن من أركان المكان يحتفظ بصدى ضحكاتهم وأحلامهم. اتجه نحو كهوف التدريب، ولكنها أيضًا كانت فارغة، صدى خطواته يعلو في الفراغ، وكأن المكان يرفض أن يستجيب له، شعر بروحه وهي تتفتت

كان يخشى أن يكون هذا حلماً كما كان سابقاً وهماً آن الآوان للاستيقاظ منه، دوت صرخاته اليائسة بالمكان أراد بقوة سماع صوت أحدهم جواب يعيد إليه الروح التي هربت من يديه

"ساهيونغ!"

"تشيونغ جين!"

"أي أحد....رجاء"

وهكذا وصل للمكان الأخير أمسك بمقبض الباب، كانت هناك لحظة من الصمت، حيث بدا وكأن الهواء قد تجمد، بينما كانت أفكاره تتصارع في عقله.
كان يخشى فتحه إذا ما كان فارغاً إذا لم يكونوا هنا عندها.... ما الذي سيفعله ؟
صوت في داخله، همس له:

'افتح، لا تخف'

لكنه لم يستطع تجاهل الشكوك التي كانت تتسلل إلى قلبه.
بدا كما لو أن كل ذكرى سيئة قد تجمعت في تلك اللحظة، لتجعله يشعر بأنه عالق بين الماضي والحاضر. انتظر لحظة أخرى، كأن الوقت يتباطأ، ثم أخذ نفسًا عميقًا، محاولًا استجماع شجاعته.
أخيرًا، دفع نفسه نحو الباب، لكنه توقف مرة أخرى. كانت تلك اللحظة مليئة بالتردد، كأنها تمثل صراعًا بين الأمل والخوف.

'رجاء ....ساهيونغ!'

مع كل تلك المشاعر المتضاربة، قرر أن يضع ثقته في نفسه، وأن يواجه ما ينتظره، مهما كان. واستجمع قواه، وضغط على المقبض، عازمًا على فتح الباب، ليكتشف ما وراءه، حتى لو كان ذلك يعني مواجهة أعمق مخاوفه.

أغمض عينيه وفتح الباب وفي تلك اللحظة
...........

"إلى متى ستظل تتبعني؟"

"ألن يعود هيونغ إلى جبل هوا؟ سأذهب معك؟"

"لما؟"

"حسنا في تلك المرة كنت وقحاً جداً لذا أريد أن أعتذر عن وقاحتي"

"ها؟؟...وقح؟؟؟"

"لا اهدئ ليس الأمر كما تتخيله لقد كنت مندفعاً وأتيت لتحديك لذا هذا ما أقصده"

تدفقت الكلمات من فم تانغ بو بسرعة بدا كمحتال متمرس، في الأيام القليلة التي أمضاها مع تشيونغ ميونغ أدرك أن قبضتي هذا الرجل أسرع من عقله، وأنه بطريقة ما قادر على تحويل كل ما يقوله لمشكلة كبيرة
"تشه ياللإزعاج"

مشى الاثنان بجانب بعضهما لا بدا أن تانغ بو يكافح لمتابعة تشيونغ ميونغ الذي يرمقه في كل حين بنظرات إنزعاج بادية على وجهه ويتنهد

"مثابر"

"أعلي القول كما هو متوقع من عائلة تانغ؟"

"إنه مذهل بصراحة"

"لا أفهم لما يفعل ذلك؟"

"لدى سيجو سحر غريب يجعل كل من يتعرض للهزيمة من قبله يتابعه"

"أتعني كما أبرحك ضربا وأتيت للبحث عنه طلبا للمزيد أيها الراهب؟"

حدق الجميع بجوغول بعيون واسعة على الرغم من أن ما قاله صحيح ولكن كان هذا مبالغ فيه إلا أنه لم يبالي بنظراتهم وتابع حديثه

" هاهاهاها يبدو أنه أمر يجري بدماء عائلة تانغ فحتى سوسو كانت تلاحقه لتتزوجه هاه.....اااااااااه"

وحلق جوغول بعيدا ليحقق بذلك رقما قياسيا جديداً كان ذلك تعاونا مذهلا بين سوسو وهاي يون

" يستحق ذلك"

"ألا يتعلم أبداً؟"


(شو توقعكم عن الي حيصير؟)

...............................


تعليقات